Ticker

6/recent/ticker-posts

Header Ads Widget

أَحْكَامُ اللَّبَنِ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَنْهُ

أَحْكَامُ اللَّبَنِ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَنْهُ

=== 

كتبه : فخر الرازي كرديفان

*****


بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهد الله ، فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ﴾ ([1]) .

﴿ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ﴾ ([2]) .

﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا ، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ﴾ ([3]) .

أما بعد :

فإن لدراسة الأحكام المتعلقة باللبن أهمية في حياة الإنسان ؛ لما في اللبن من فوائد عظيمة ، وأحكام كثيرة متعلقة به . وإن هذا الموضوع من الموضوعات المهمة الجديرة بالبحث والتأليف ، وقد تكلم العلماء قديما وحديثا في هذا الموضوع ، إلا أن هذا الموضوع لم يفرد بالبحث – وذلك حسب علمي – على وجه يجمع مسائله وأطرافه ، ويلم شوارده ، كما هو الشأن في غير هذا الموضوع من الموضوعات التي أفردها الفقهاء بالبحث ، وإنما جرى أحيانا تخصيص بعض مسائله ككتاب (( أحكام الرضاع في الفقه الإسلامي )) للدكتور محمد عمر الغروي ، وكتاب (( الرضاع الذي يحرم الزواج في الشريعة الإسلامية )) للشيخ نبيل بن كمال الدين طاحون ، وكتاب (( المحرمات من الرضاعة )) ، وكتاب (( من أخطاء الزواج في الرضاع والمراضعة )) كلاهما للشيخ منصور بن حسن الفيفي ، وأن ما نص عليه من أحكامه قليل ، والغالب فيه أن يكون متفرقا ، وقد يكون في غير مظنته ، بحيث لا يجمعه باب ، فجاءت أحكامه متناثرة في عدد من الأبواب كما في الأطعمة ، والفرائض ، والنكاح ، والمعاملات مثل بيع المصراة ، مع حاجة الناس الماسة إليه وكثرة وقوعهم فيها وإشكالها على كثير منهم ، فكان ذلك من دواعي الكتابة فيه . وقد استدعى ذلك استقطاب أكثر قدر ممكن مما وجدته منصوصا عليه من أحكامه. وأما ما لم ينص عليه فسلكت فيه مسلك التخريج مما ظهر لي تخريجه على القواعد الشرعية ، وأقوال الأئمة ومذاهبهم .

وهكذا تبين لنا مما تقدم أهمية الموضوع ، وأنه جدير بالبحث ، وحريّ بالدراسة والعناية .

أسأل الله تعالى أن يوفقني لحسن القصد ، وإصابة الحق ويمنّ علي بالقبول وسائر المسلمين . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ومن تبعهم إلى يوم الدين.

التمهيد :

تعريف اللبن :

اللبن في اللغة : ما يخرج من حلمة الثدي من السائل الأبيض أو سائل أبيض يكون في إناث الآدميين والحيوان ، وهو اسم جنس جمعي . واحدته : لَبَنَة .([4])

ويقال أيضا : لبِنَتْ الشاة لبَناً ؛ أي غزُرت . وناقة لَبِنة ؛ غزيرة . واللَّبُون من الشاء والإبل : ذات اللبن غزيرة كانت أم بكيئة ، وجمعها لِبْنٌ ولُبْنٌ ([5]).

واللِّبان بالكسر ، كالرَّضاع ، يقال : هو أخوه بلِبَان أمه ، قال ابن السكيت :
" ولا يقال بلَبَن أمه فإن اللَّبَن هو الذي يشرب "([6]).

واللبَأْ : أول اللبن عند الولادة ، وقال أبو زيد : " أكثر ما يكون ثلاث حلبات وأقله حلْبَة "([7]). قال النووي : " قال الأصحاب : يجب على الأم أن تسقي الولد اللبأ ؛ لأنه لا يعيش بدونه ، قال الرافعي : مرادهم الغالب أو لأنه لا يقوى ولا تشتد بنيته إلا به، وإلا فيشاهد من يعيش بلا لباء "([8]).

واللُّبْنَى ؛ شجرة لها لبن كالعسل ، وربما يتبخر به . ولبن كل شجرة : ماؤها على التشبيه ([9]) .

ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي ([10]).

الفصل الأول : الأحكام المتعلقة بلبن الآدمي .

وفيه ثلاثة مباحث :

المبحث الأول : في طهارة لبن الآدمي .

وفيه مطلبان :

المطلب الأول : لبن الآدمي الحي .

لبن الآدمي الحي طاهر باتفاق ، سواء أكان من امرأة أم من رجل ([11]). وذلك لما يلي :

1- إذ لا يليق بكرامته أن يكون منشؤه على الشيء النجس .

2- ولأنه لم ينقل أن النسوة أمرن في عصره بغسل الثياب والأبدان مما يصيبهن من اللبن ، وسواء أكان من ذكر أم أنثى ولو صغيرة لم تستكمل تسع سنين أم مشكل قياسا على الذكر.

3- ولأن الرضاع جائز بعد انقضاء زمن الضرورة إليه ؛ فلو لم يكن مباحا لمنع([12]).

المطلب الثاني : لبن الآدمي الميت .

اختلف العلماء في طهارة لبن الآدمي الميت على قولين :

القول الأول : أن لبن الآدمي الميت طاهر . وبه قال الحنفية والشافعية والحنابلة في ظاهر المذهب ، وهو المعتمد عند المالكية ([13]).

والقول الثاني : أن اللبن الآدمي الميت نجس . وبه قال المالكية على المنصوص([14]) وبعض الحنابلة ([15]) ، وأبو حنيفة في رواية ([16]).

الأدلـة

استدل القائلون بأن اللبن الآدمي الميت طاهر بما يلي :

1- لأنه في إناء طاهر ، واللبن لا ينجس بالموت ، بل هو طاهر بعد الموت .

2-  ولأن التكريم الثابت للآدمي ، الأصل شموله للجميع .

3- ولأنه أولى بالطهارة من المني .

واستدل القائلون بأن اللبن الآدمي الميت نجس بما يلي :

قالوا : لأن ميتة الآدمي نجسة ، وحينئذ فلبنه نجس لنجاسة وعائه ([17]).

واعترض عليه : بأنه لا نسلم أن ميتته نجسة ؛ لأن غسله وإكرامه بالصلاة عليه يأبى تنجيسه ؛ إذ لا معنى لغسل الميتة التي هي بمنزلة العذرة . وكذلك لصلاة رسول اللهعلى سهل بن بيضاء في المسجد ([18])، ولِما ثبت أنه ﷺ قبّل عثمان بن مظعون بعد الموت ([19])، ولو كان نجسا لما فعل ﷺ ذلك ([20]).

الراجح في هذه المسألة – والله أعلم – طهارة لبن الآدمي الميت لما تقدم .

*****

المبحث الثاني : اللبن المحرم .

وفيه مطالب :

المطلب الأول : الألبان التي يتعلق بها التحريم :

اتفق العلماء على أن المرضعة إذا كانت آدمية حية ثيبا ، سواء كانت متزوجة أو لا ، في عصمة زوج أو لم تكن ، وسواء كانت عصمتها بأب الرضيع أو بغيره : أنه يتعلق بإرضاعها التحريم ([21]). وذلك لما يلي :

1- إذ هي في جميع هذه الحالات أم للرضيع .

2- ولأن الأصل في المرضعات أن يكن آدميات ثيبات على قيد الحياة ، قال الله تعالى :
﴿ وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم ﴾ ([22])، وقوله تعالى : ﴿ وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم ، فلا جناح عليكم ﴾ ([23]) ومن المعلوم أن طلب الاسترضاع لا يكون إلا للحية الثيب ، والبكر لا تطلب ، وكذلك الميتة .

3- ولأن لبن الثيب أنفع وأنسب للرضع ([24]).

في لبن البكر :

اختلف الفقهاء في لبن البكر هل هو يؤثر في التحريم أم لا ؟

فذهب الحنفية([25]) والشافعية([26]) والمالكية([27]) ورواية عن الإمام أحمد([28]) وهي الصحيحة في المذهب إلى : أن لبن البكر له تأثير في التحريم ، إلا أن الحنفية([29]) يشترطون كونه محرما : أن تكون البكر قد بلغت تسع سنين ، وكذا أيضا الشافعية([30])، ولكن المنصوص عن الإمام الشافعي اعتباره مطلقا بلغت أم لم تبلغ ([31]).

وعن الإمام أحمد في رواية ثانية : أن لبن البكر لا تأثير له في التحريم([32]).

الأدلـة

واستدل القائلون بأن لبن البكر له تأثير في التحريم بما يلي :

1- قوله تعالى : ﴿ وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم ﴾ ([33]).

وجه الدلالة : أن الله تعالى سمى المرضعة أُمًّا ، ولم يفصل بين البكر وغيرها ، وقد تحقق الإرضاع من لبن البكر ، وهذا عموم ، فمن ادعى الخصوصية فعليه الدليل .

2- إن لبن البكر يعد من ألبان النساء التي خلقت لتغدية الأطفال ، وندوره لا يبطل حكمه إذا وجد ([34]).

3- أما وجهة الذين يشترطون أن تكون البكر قد بلغت تسع سنين ، وإلا فلا تحريم ، فهي : أن بنت تسع سنين يتصور منها الولادة في هذا السن ، ويكون لبنها صالحا لتغدية الرضيع . وأما التي دون هذا السن فلا تتصور منها الولادة حسب الاستقراء([35]).

واستدل القائل بأن لبن البكر لا تأثير له في التحريم بما يلي :

إن لبن البكر لم تجر العادة أن يكون معدا لتغدية الأطفال ، وهو نادر الوقوع ، فلا تبنى عليه الأحكام([36]).

واعترض : بأن العلة موجودة ، وهي تغدية اللبن للطفل وإنشازه للعظم وإنباته للحم فمتى حصل من هذا اللبن تعلق به التحريم .

والراجح : هو قول المشترطين لبلوغ البكر تسع سنين ؛ لأن اللبن فرع عن تصور النكاح ، ولا يتصور قبل ذلك . والله أعلم .

في لبن الميتة :

اتفق الفقهاء على أنه إذا حلب لبن المرأة في حال حياتها في إناء ثم سقي به الرضيع بعد موتها : أنه تقع به الحرمة في كل من قال : إن الوجور محرم([37]).

أما لو حلب هذا اللبن بعد الموت في قدح ثم أسقي للرضيع فاختلفوا في إثبات الحرمة به على قولين :

فذهب الحنفية([38]) والمالكية([39]) والحنابلة([40]) : إلى أنه إذا ماتت المرأة وكان لها لبن ثم حلب وأسقي للرضيع ؛ يثبت الحرمة .

وذهب الشافعية : إلى أن هذا اللبن لا تثبت به الحرمة ([41]).

الأدلـة

واستدل الجمهور القائلون بأن هذا اللبن يثبت الحرمة  بما يلي :

أن هذا اللبن يحصل به التغدى ويندفع به الجوع ، فهو منبت للحم ومنشز للعظم ، وهذا مناط التحريم ، ولا فرق بين شربه في حياتها أو بعد مماتها ([42]).

واستدل القائلون بأن هذا اللبن لا يثبت الحرمة بما يلي :

أن هذا اللبن منفصل عن جثة منفكة عن الحل والحرمة كالبهيمة ([43]).

ونوقش هذا الاستدلال : بأن اللبن ليس فيه حياة ولا يتأثر بالموت ، ولو كان فيه حياة ويتأثر بالموت لكان حلبه حراما في حال حياتها على قاعدة : « ما أبين من حي فهو ميت » وهذا مخالف لقولكم .

والراجح هو قول الجمهور : وهو أن ذلك اللبن يثبت به الحرمة إذا ثبتت صلاحية اللبن طبيا ، وأنه خال من الأمراض والتسمم .

في لبن الخنثى :

اتفق الفقهاء على أن الخنثى إذا علم أنه امرأة وثاب لها لبن تعلق به التحريم . وكذلك اتفقوا على أنه : إذا علم أنه رجل لم يتعلق به التحريم ؛ خلافا للكرابيسي فإنه قال : لو ثاب لرجل لبن وارتضع منه طفل ؛ يتعلق به التحريم ([44]).

واختلفوا فيما إذا أشكل ولم يدر هل رجل أو امرأة على أقوال :

القول الأول : إن الخنثى المشكل إذا ثاب له لبن غزير وسئل النساء وقلن : إن هذا اللبن بهذه المثابة لا يكون إلا من امرأة ؛ تعلق به التحريم . أما إذا ثاب له لبن ، وسئل النساء عنه ولم يقلن : إن هذا اللبن يكون للمرأة ؛ فلم يتعلق به التحريم . وبه قال الحنفية ([45]).

القول الثاني : إنه إذا ثاب له لبن وارتضع منه طفل ؛ لم يتعلق به التحريم . وبه قال الحنابلة ([46]).

القول الثالث : التوقف في الحكم حتى يتبين أمره ، فإذا اتضح أنه خنثى ؛ حرم لبنها ، وإلا فلا . وبه قال الشافعية ، وابن حامد من الحنابلة ([47]).

ويمكن أن نجعل هذه الأقوال على قولين :

القول الأول : أن الارتضاع من لبن الخنثى لا يحرم مطلقا عند الحنابلة . وبه قال الحنفية في حال سؤال النساء عن هذا اللبن ، وقلن : إن هذا اللبن لا يكون للمرأة . وقال به أيضا الشافعية فيما إذا لم يتبين ذكوريته أو أنوثيته .

القول الثاني : أن الارتضاع من لبن الخنثى يتعلق به التحريم إذا ثاب له لبن ، وسئل النساء عن هذا اللبن وقلن : إن هذا اللبن بهذه الغزارة والكمية لا يكون إلا من أنثى ، وبه قال الحنفية . وهو قول الشافعية في حال اتضاحه .

وجه القول الأول :

أن اللبن لا يكون محرما إلا إذا ثبتت أنوثة صاحبة اللبن . فإذا لم تثبت أنوثتها لم يتعلق بإرضاعها التحريم . والأحكام مبنية على اليقين ، وليست على الشك .

ووجه القول الثاني :

أن الخنثى قد ثاب له لبن كثير ، واللبن غالبا لا يكون إلا للنساء ، فيغلب جانب الحرمة على الحل من باب الاحتياط ؛ ولأنه فيه شبها قويا بالمرأة .

وهذا هو الراجح في نظري والله أعلم .

في لبن الفحل :

المقصود بلبن الفحل هنا : هو أن يكون للرجل امرأتان فيرتضع من إحداهما صبي أجنبي وترضع من الأخرى صبية أجنبية ، فهل يحل للصبي أن يتزوج الصبية أو لا يحل ؟

والفحل إما أن يكون زوجا أو مطلقا :

أولا : في لبن الزوج :

اختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة أقوال :

القول الأول : أن لبن الزوج يتعلق به التحريم . وبه قال الجمهور ، منهم : الأئمة الأربعة ([48]).

القول الثاني : أن لبن الزوج لا يتعلق به التحريم . حكي ذلك عن ابن عمر وابن الزبير ورافع بن خديج وزينب بنت أم سلمة وعائشة . ومن التابعين : عن سعيد والقاسم وسالم وسليمان بن يسار وعطاء بن يسار والشعبي وإبراهيم النخعي وأبي قلابة وإياس بن معاوية . حكى ذلك عنهم ابن أبي شيبة([49]) وسعيد بن منصور وعبد الرزاق([50]) وابن المنذر([51]) . وبه قال من الفقهاء : ربيعة الرأي وإبراهيم بن علية ([52]).

القول الثالث : التوقف : حكي ذلك عن ابن سيرين ومجاهد ([53]).

الأدلة :

استدل القائلون بأن لبن الزوج يتعلق به التحريم بما يلي :

1- ما رواه عروة بن الزبير : أن عائشة – رضي الله عنها – أخبرته : أن أفلح أخا أبي القعيس جاء يستأذن عليها وهو عمها من الرضاعة بعد أن أنزل الحجاب ، قالت : فأبيت أن آذن له ، فلما جاء رسول الله ﷺ أخبرته بالذي صنعت فأمرني أن آذن له علي.

وفي رواية : إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل ، قال : « إنه عمك فليلج عليك » .

قال عروة : فبذلك كانت عائشة تأخذ وتقول : " حرموا من الرضاعة ما تحرموا من النسب "([54]).

وجه الدلالة : أن عائشة – رضي الله عنها – استرضعت من امرأة أفلح أخي أبي القعيس ، فجاء يستأذن عليها فامتنعت ظنا منها أن اللبن للمرأة فقط ، وأخبر الرسول ﷺ بذلك فعاتبها وأمرها أن تدخله فإنه عمها من الرضاعة .

2- حديث علي قال : قلت : يا رسول الله ، ما لك تنوَّقُ([55]) في قريش وتَدَعُنا ؟ فقال : « وعندكم شيء» ، قلت : نعم ، بنتَ حمزة . فقال ﷺ : « إنها لا تَحلّ لي ، إنها ابنة أخي من الرضاعة » ([56]).

وجه الدلالة : أن هذا الحديث صريح في إثبات الحرمة بلبن الرجل حيث قال ﷺ :
« إنها ابنة أخي من الرضاعة » .

3- ما روي عن ابن عباس : أنه سئل عن رجل له جاريتان أرضعت إحداهما جارية والأخرى غلاما ، هل يتزوج الغلام الجارية ، فقال : " لا ، اللقاح واحد ، لا تحل له "([57]).

وهذا نص قاطع للنزاع في المسألة .

واستدل القائلون بأن لبن الزوج لا يتعلق به التحريم بما يلي :

1- قوله تعالى : ﴿ وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم ﴾ ([58]) . وجه الدلالة : أن الله تعالى ذكر التحريم من جهة الأم ولم يذكر التحريم من جهة الزوج ([59]).

واعترض عليه : بأن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي الحكم فيما عداه ، ولا سيما وقد جاءت الأحاديث الصحيحة ([60]).

2- ما روي عن زينب بنت أم سلمة ، وفيه تقول : إنها أرضعتها أسماء بنت أبي بكر امرأة الزبير بن العوام ، قالت زينب : فأرسل إليّ عبد الله بن الزبير يخطب ابنتي أم كلثوم على أخيه حمزة بن الزبير ، وكان حمزة بن الكلبية ، فقلت لرسوله : وهل تحل له ؟ إنما هي بنت أخيه فأرسل إليّ ابن الزبير إنما تريدين المنع أنا وما ولدت أسماء إخوتك ، وما كان من ولد الزبير من غير أسماء ، فليسوا لك بأخوة ، فأرسلي فاسألي عن هذا ! . فأرسلت فسألت وأصحاب رسول الله ﷺ متوافروان وأمهات المؤمنين ، فقالوا : إن الرضاعة من قبل الرجال لا تحرم شيئا ! فأنكحتها إياه !. فلم تزل عنده حتى هلكت ([61]).

واعترض على هذا بما يلي :

1- بأن هذا فعل صحابي ، وهو معارض بالسنة الثابتة عن رسول الله ﷺ .

2- أن الزبير بن العوام كان يعتقد أنها ابنته من الرضاع ، وهي تعتقد أنه أبوها من الرضاع . والدليل على ذلك قولها : كان الزبير يدخل عليّ وأنا أمتشط – فيأخذ بقرن من قرون رأسي ، فيقول : اقبلي عليّ فحدثيني ، أُراه والدا وما ولدتهم إخوتي ([62]).

والظاهر أن هذا كان معلوما لديهم ، وقول الزبير أولى من قول ابنه .

أما قولها : " أنها سألت وأصحاب رسول الله ﷺ متوافرون ، فقالوا لها : إن الرضاعة لا تحرم شيئا من قبل الرجال ". قالوا : إن هذا إجماع من الصحابة الموجودين في عصرهم على ذلك .

واعترض عليه بما يلي :

أولا : بأن دعوى الإجماع مع سكوت الباقين لا يدل على الإقرار لاحتمالين :

أحدهما : أن السكوت في مسائل الاجتهاد لا يدل على الرضا ([63]).

والثاني : استبعاد بلوغ هذه الواقعة جميع المجتهدين من الصحابة في ذلك العصر .

ثانيا : أن هذه الحادثة كانت بعد وقعة الحرة ، وأين أصحاب النبي ﷺ المتوافرون ؟ بل الواقع : أنه ليس هناك إلا قلة من الصحابة بعد تلك الحادثة .

3- عن عائشة – رضي الله عنها - : أنها كانت يدخل عليها من أرضعته بنات أبي بكر ، ولا يدخل عليها من أرضعته نساء أبي بكر ([64]).

هذا فعل من أم المؤمنين ، وهي الراوية لحديث : أن لبن الزوج يحرم فيدل على أن عندها مزيدا من العلم ، وإلا لما تركت العمل بحديث أبي القعيس ، وهي الراوية له .

واعترض عليه بما يلي :

أ- بأن هذا فعل ، وذلك قول . والقول أقوى من الفعل في الدلالة على الحكم .

ب- بأن عمل الراوي بخلاف ما روى لا يقدح في عدم العمل بذلك الحديث ؛ لأن الحجة في روايته لا في رأيه كما تقرر في الأصول ([65]).

4- قالوا : إن هذا اللبن الذي ارتضع منه الرضيع لا ينفصل من الرجل ، وإنما ينفصل من المرأة فكيف تسري الحرمة إلى الرجل بهذا الإرضاع ([66]).

واعترض عليه بما يلي :

أ- أن سبب هذا اللبن الذي ارتضع منه الرضيع هو ماء الرجل والمرأة جميعا ؛ فيجب أن يكون الإرضاع منهما : كالجد لما كان سببا لوجود الوالد أوجب تحريم ولد الولد به لتعلقه بولده ([67]).

ب- اتفاق الفقهاء على أن اللبن الناشئ على أثر حمل يقع به التحريم ؛ فدل على أن للرجل تأثيرا في اللبن، بخلاف لبن البكر فإن فيه خلافا كما تقدم وإلا لو كان كما قالوا لثبتت الحرمة بلبن البكر ، ولم يخالف في ذلك أحد ([68]).

ج- وإن سلمنا بصحة ما قالوا ، ولكنه اجتهاد في مقابلة النص ، وهو الأحاديث الصحيحة فلا يلتفت إليه .

واستدل القائلون بالتوقف :

بما روى ابن حزم من طريق سعيد بن منصور بسنده إلى عباد بن منصور قال : سألت مجاهدا عن جارية من عرض الناس أرضعتها امرأة أبي : أترى لي أن أتزوجها ؟ فقال : اختلف فيها الفقهاء ، فلست أقول شيئا . وسألت ابن سيرين ، فقال مثل قول مجاهد ([69]).

واعترض عليه : بأن التحريم بلبن الفحل ثبت بالحديث كما سبق . ولعل الحديث لم يبلغهم ، وإلا لو بلغهم ذلك لما وسعهم إلا القول به : كما قال الأعمش : " كان عمارة وإبراهيم وأصحابنا لا يرون بلبن الفحل بأساً حتى أتاهم الحكم بن عتبة بخبر أفلح أخي أبي القعيس " ، وبعد صحة الحديث لا حاجة إلى التوقف ([70]).

الراجح – والله أعلم – هو القول بأن لبن الزوج يتعلق به التحريم ؛ لقوة ما استدلوا به ، وثبوت الأحاديث الصحيحة في ذلك .

ثانيا : في لبن المطلق :

إذا طلق الزوج زوجته وهي ذات لبن ثم تزوجت بآخر ثم أرضعت صبيا أو صبية من هذا اللبن الموجود في ثديها ، فهل يثبت التحريم من الزوج الأول أم من الزوج الثاني ؟

هذه المسألة لا تخلو من خمسة أحوال : ثلاثة منها متفق عليها ، واثنان مختلف فيهما :

اتفق الفقهاء على أن المرأة إذا طلقها زوجها أو مات عنها ، وله منها لبن ، وبقي هذا اللبن بحاله ثم تزوجت آخر ، ولم تحصل فيه زيادة ولا نقصان من وطء الزوج الثاني لها ولم تدر منه ؛ فاللبن محكوم به للأول سواء حملت من الثاني أو لم تحمل ([71]).

واتفقوا أيضا : على أن هذه المرأة إذا نحكت زوجا آخر بعد انقضاء العدة ثم حملت منه ثم ولدت وأرضعت صبيا من هذا اللبن ، فهو محكوم به للزوج الثاني ([72]).

واتفقوا أيضا : على أن المرأة إذا طلقها زوجها ثم نكحت آخر ثم أرضعت صبيا من هذا اللبن ؛ ينسب إلى الزوج الأول فيما إذا لم تحمل من الثاني ، سواء زاد بوطئه أو لم يزد ، انقطع ثم عاد أو لم ينقطع ([73]).

أما الحالتان المختلف فيهما ؛ فهما كالتالي :

الأولى : هي أن هذه المرأة المطلقة أو المتوفى عنها زوجها نكحت الزوج الآخر بعد انقضاء عدتها ، ولبن الزوج الأول باق في ثديها ولكنه زاد بالحمل من الزوج الثاني ؛ فاختلف الفقهاء في ذلك ، هل ينسب اللبن للزوج الأول أو إلى الزوج الثاني أو إليهما جميعا على ثلاثة أقوال :

القول الأول : أن هذا اللبن ينسب إلى الزوج الثاني ؛ لاعتبار هذه الزيادة . وبه قال أبو يوسف ([74]).

القول الثاني : أن هذا اللبن ينسب إلى الزوج الأول مطلقا . وبه قال أبو حنيفة ، وهو قول الشافعية([75]) .

القول الثالث : أن هذا اللبن ينسب إلى كلا الزوجين مجتمعين . وبه قال الحنابلة([76])، والمالكية([77]) ، ومحمد بن الحسن من الحنفية ([78]).

الأدلـة

واستدل أبو يوسف القائل بأن ذلك اللبن ينسب إلى الزوج الثاني بالتالي :

أن الحامل قد ينزل لها لبن ، فلما ازداد لبنها عند الحمل من الزوج الثاني دل على أن هذه الزيادة لأجل الحمل من الثاني ؛ إذ لو لم يكن الأمر كذلك لكان اللبن لا يزداد ، بل ينقص ؛ لأن العادة جرت على أن اللبن في مدة الحمل ينقص ولا يزداد ، فكانت هذه الزيادة دليلا على أنها من أجل الحمل من الثاني لا من الزوج الأول([79]) .

واعترض عليه : بأن كون اللبن دليلا على حدوث اللبن من الزوج الثاني ممنوع ؛ لأن زيادة اللبن لا تدل على حدوث اللبن من الحمل ، وذلك لأن لزيادة اللبن أسبابا فقد تكون هذه الزيادة حاصلة من زيادة في الغداء ونوعه وجودته : فإن بعض الأطعمة معروفة مثل الخضروات واللحوم بزيادتهما للبن ، أو قد تكون الزيادة ناجمة عن صحة في بدن الحامل أو اعتدال في الجو وطيب هوائه ، فلما كانت هذه الاحتمالات موجودة صارت نسبة الزيادة إلى الحمل مشكوكا فيها ، فيجب الروجوع إلى اليقين ، وهو نسبته إلى الزوج الأول ([80]).

واستدل القائلون بأن ذلك اللبن ينسب إلى الزوج الأول مطلقا بما يلي :

أن نزول اللبن من الزوج الأول ثبت بيقين ؛ لأن الولادة سبب لنزول اللبن ، فكان حكم لبن الزوج الأول ثابتا بيقين ، فلا يبطل حكمه حتى يوجد سبب آخر أقوى منه أو يماثله ، وهو الولادة من الزوج الثاني لا مجرد الحمل منه .

ولأن الحامل قد ينزل لها لبن بسبب هذا الحمل ، وقد لا ينزل حتى تضع . وهذه احتمالات تؤدي إلى الشك في نسبة اللبن للزوج الثاني ، قد توجد ، وقد لا توجد ؛ فلا يجوز بناء الحكم عليها ([81]).

واستدل القائلون بأن ذلك اللبن ينسب إلى كلا الزوجين مجتمعين بما يلي :

أن الزيادة الحاصلة من حدوث الحمل منسوبة إلى الزوج الثاني ، ولكن أصل هذا اللبن هو بقاء لبن الزوج الأول في ثديها حتى ظهرت هذه الزيادة ولكل منهما تأثير في اللبن ، فوجب أن يضاف إليهما ، والأخذ بالاحتياط في هذه المسائل أحوط، وهو الحرمة ([82]).

والراجح في هذه المسألة – والله أعلم – هو القول بأن اللبن ينسب إلى الزوج الأول ؛ لثبوته بيقين ، والأحكام تبنى على اليقين لا على الشك ، واليقين لا يزول بالشك ، والأصل بقاء ما كان على ما كان .

الحالة الثانية من الحالات المختلف فيها :

إذا طلق الزوج زوجته أو مات عنها ثم نكحت زوجا آخر بعد ذلك ، وانقطع لبنها من الزوج الأول ، ثم ثاب بالحمل من الثاني .

وقد اختلف فيه الفقهاء ، هل ينسب اللبن إلى الزوج الأول أم إلى الثاني أم إليهما معا ؟

القول الأول : أن هذا اللبن ينسب إلى الزوج الأول مطلقا . وبـه قال أبو حنيفة([83])،

وهو قول للشافعي([84]).

القول الثاني : أن هذا اللبن ينسب إلى الزوجين معا . وبه قال أبو بكر من الحنابلة([85]) ، وهو قول للشافعي ([86]).

القول الثالث : أن هذا اللبن ينسب إلى الزوج الثاني . وبه قال أبو الخطاب من الحنابلة([87]) ، وهو قول للشافعي([88]) ، والمالكية ([89]).

واستدل القائلون بأن اللبن ينسب إلى الزوج الأول : بأن اللبن خلق غداء للمولود لا للحمل ، فإذا ارتضع طفل منها ؛ نسب إلى الأول ؛ لأن نسبة اللبن إليه ثابتة ، بيقين ، فلا تزال بالشك ([90]).

واعترض عليه : بأنه في هذه الحالة اللبن قد انقطع من الزوج الأول ، وقد ثاب بالحمل من الثاني ، فيجب أن يضاف إليه ؛ لأنه هو السبب في وجوده بعد انقطاعه .

واستدل القائلون بأن اللبن ينسب إليهما معا : بأن اللبن كان للأول ، وانقطع ، فلما عاد بحدوث الحمل من الثاني ؛ فالظاهر : أنه لبن الأول ثاب بسبب الحمل من الثاني ، فكان مضافا إليهما كما لو لم ينقطع ([91]).

واعترض عليه : بأن هذا قياس مع الفارق : وذلك لأنه إذا لم ينقطع الاحتمال موجود وهو كونه من آثار وطء الزوج الأول والثاني معا ، فيضاف إليهما .

ولكن بعد انقطاعه الاحتمال غير موجود ، وهو تأثير وطء الزوج الأول في اللبن ، بل يثبت أنه لبن للزوج الثاني ؛ لأنه حدث بسبب وطئه .

واستدل القائلون بأن اللبن ينسب إلى الزوج الثاني فقط : بأن اللبن من الزوج الأول قد انقطع فزال حكمه ، وهو نسبة اللبن إليه بعد انقطاعه ، وحدث بالحمل من الزوج الثاني ، فيكون كما لو لم يكن لها لبن من الزوج الأول ([92]).

وهذا هو الراجح في نظري إن شاء الله تعالى والأقرب إلى الصواب .

المطلب الثاني : في عدد الرضعات المحرمة :

قد اختلف الفقهاء في عدد الرضعات التي يثبت بها التحريم على أقوال :

القول الأول : أن قليل وكثيره سواء في التحريم ما دام قد وصل إلى الجوف . وبه قال أبو حنيفة([93]) ، ومالك([94]) ، وأحمد في رواية ، والأوزاعي والثوري والليث وحماد والحكم وقتادة والزهري ومكحول والحسن وسعيد بن المسيب([95]).

القول الثاني : أن الرضاع المحرم هو ثلاث رضعات فما فوقها . وبه قال أحمد في رواية وأبو ثور وأبو عبيد وداود وابن المنذر ([96]).

القول الثالث : أن الرضاع المحرم هو خمس رضعات متفرقات متيقنات فأكثر . وأما ما دونها فلا يحرم شيئا . وبه قال الشافعية([97]) ، وأحمد في رواية ، وهي الصحيحة. وروي ذلك عن عائشة وابن مسعود وابن الزبير وعطاء وطاووس ([98]).

القول الرابع : أن الرضاع المحرم هو سبع رضعات فأكثر . روي ذلك عن عائشة .

القول الخامس : أن الرضاع المحرم هو عشر رضعات . روي ذلك عن عائشة ([99]).

الأدلـة

استدل القائلون بأن قليل الرضاع وكثيره سواء في التحريم بما يلي :

1- قوله تعالى : ﴿ وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة ﴾ ([100]).

وجه الدلالة : أن الله تعالى علق التحريم بفعل الإرضاع من غير تقييد بالعدد . والتقييد بالعدد زيادة ، وهو نسخ ، ومن المقرر : أن المطلق يبقى على إطلاقه ، ويعمل به مطلقا حتى يوجد ما يقيده ([101]).

واعترض : بأن السنة فسرت القرآن ، وقد قال ﷺ : « ألا إني قد أتيت القرآن ومثله معه »([102]) وقد بينت السنة الرضاعة المحرمة وهو اشتراط عدد معين ، فبين النبي ﷺ المقصود من هذه الآية .

وأما قولهم : " بأن التقييد بالعدد زيادة على النص ، وهو نسخ " فمعترض عليه : بأن هذه الآحاديث مشهورة ومروية في صحيح مسلم وغيره من الكتب المعتمدة لدي المحدثين والفقهاء وقد عمل بها الصحابة . ومثل هذا يتضح أن يقيد به مطلق القرآن([103]).

2- قوله ﷺ : « يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب » ([104]).

وجه الدلالة : أنه ﷺ أطلق التحريم ولم يقيده بعدد فجاء موافقا للقرآن .

ويعترض عليه : بأن هذا الإطلاق يخصص مفهومه ما روي في العدد ، وهي أحاديث صحيحة ثابتة في أصح الكتب بعد كتاب الله ([105]).

3- ما روى عقبة بن الحارث : أنه تزوج أم يحيى بنت أبي إهاب ، فجاءت أمة سوداء ، فقالت : قد أرضعتكما . فذكر ذلك للنبي ﷺ فقال : « كيف وقد زعمت أن قد أرضعتكما »([106]) .

وجه الدلالة : أنه ﷺ لم يسألها عن عدد الرضعات ، ولم يستفصل ، فدل ذلك على أن مطلق الرضاع يثبت به التحريم ، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز .

واعترض عليه : بأنه قد بين الشارع العدد في الأحاديث الأخر ، وبعد البيان لا يقال أنه ترك الاستفصال ([107]).

4- ما روي عن عائشة – رضي الله عنها - : أنه قال لها رسول الله ﷺ وقد وجد عندها رجلا ، فقال : « يا عائشة ، انظرن من إخوانكم ، إنما الرضاعة من المجاعة »([108]).

وجه الدلالة : أنه ﷺ لم يذكر عددا في هذا الحديث ، وإنما أطلق . والإطلاق يفيد التحريم بالقليل والكثير.

واعترض عليه : بأن قوله « انظرن » يفيد : أنه ليست كل رضاعة محرمة ، فلا بد من التروي والنظر في دعوى الرضاع ، وذلك بالنظر في كيفيته وعدده ، أضف إلى ذلك أنه قد ثبت تقييده بالعدد ، وهو ما رواه مسلم في حديث عائشة : « لا تحرم المصة والمصتان »([109]).

5- ما جاء في قصة سهلة بنت سهيل زوجة أبي حذيفة لما سألت النبي ﷺ فقال :
« أرضعيه تَحرُمي عليه » ([110]).

وجه الدلالة : أن هذا الحديث رواه مسلم ولم يذكر فيه العدد ، ولم يفصل النبي ﷺ المقدار المحرم من الرضاع ، فلما تبين ؛ انصرف اللفظ إلى الجميع قليلا كان أو كثيرا .

واعترض عليه : بأنه قد جاءت رواية العدد من رواية مالك في الموطأ ، وهو قوله ﷺ : « أرضعيه خمس رضعات ، فيحرم بلبنها »([111])، وهي زيادة يجب قبولها .

6- قالوا : إن الإرضاع علة للتحريم في الشرع ، كل علة لا يشترط فيها التكرار والعدد كثبوت المصاهرة بالنكاح ، وكالوطء الموجب للحد والمهر . ولأن الحرمة وإن كانت ثبتت بشهبة البعضية الناشئة عن نشوز العظم وإنبات اللحم ، لكنه أمر خفي ، فيتعلق به الحكم بفعل الإرضاع كما في السفر ([112]).

واعترض عليه : بأن هذا قياس في مقابلة النص ، ولا قياس مع النص لثبوت الحديث وتعليقه التحريم على العدد .

واستدل القائلون بأن التحريم لا يثبت إلا بثلاث رضعات فما فوقها بما يلي :

1- قوله ﷺ : « لا تحرم المصة([113]) والمصتان » ([114]).

2- ما روته أم الفضل بنت الحارث قالت : دخل أعرابي على النبي ﷺ وهو في بيتي ، فقال : يا نبي الله ، إني كانت لي امرأة فتزوجت عليها أخرى ، فزعمت امرأتي أنها أرضعت امرأتي الحدثى رضعة أو رضعتين، فقال ﷺ : « لا تحرم الإملاجة([115]) والإملاجتان »([116])

وفي رواية أخرى : عن أم الفضل أن رجلا من بني عامر بن صعصعة قال : يا نبي الله ، هل تحرم الرضعة الواحدة ؟ قال « لا »([117]) .

وجه الدلالة من هذه الأحاديث : فهذه الأحاديث صحيحة صريحة في أن الرضعة والرضعتين لا تحرمان ؛ فإذاً يكون ما زاد على ذلك – وهو الثلاث – محرم ؛ لأن بعضها خرج جوابا للسائل ، وبعضها تأسيس لحكم لمبتدأ ([118]).

واعترض عليه بوجوه :

الوجه الأول : من جهة الإسناد ، وهو كونه مضطربا ؛ لأنه اختلف فيه ، هل هو من رواية عائشة أو عن الزبير أو عن ابن الزبير أو عن أم الفضل([119]) .

وأجيب : بأن هذا الاضطراب لم يقدح عن مسلم – رحمه الله – فأخرجه من حديث أم الفضل وعائشة ([120]).

الوجه الثاني : وإن سلمنا صحته ، فهو منسوخ بما روي عن ابن عمر أنه قيل له : إن ابن الزبير يقول : لا بأس بالرضعة أو الرضعتين ، فقال : قضاء الله خير من قضائه ، قال تعالى : ﴿ وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم ﴾ ([121]).

الوجه الثالث : أن هذا الاستدلال بالمفهوم وهو : أنه لا يحرم إلا ثلاث رضعات فأكثر ، وقد تعارض هذا المفهوم مع مفهوم حديث الخمس ، وهو أن ما دونها لا يحرم فتعارض المفهومان ، فتساقطا ، وبقي منطوق الخمس ، وهو أقوى . وحديث الخمس فيه زيادة عن الثقات يجب قبولها والعمل بها ([122]).

واستدل القائلون بأن الرضاع المحرم لا يثبت إلا بخمس رضعات متفرقات ومتيقنات فأكثر بما يلي :

1- قوله تعالى : ﴿ وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة ﴾([123]).

وجه الدلالة : أنه سبحانه تعالى أجمل الرضاع في الآية ، وقد بينته السنة ، قال تعالى : ﴿ وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ﴾ ([124]).

2- حديث أم الفضل بنت الحارث ، قالت : دخل أعرابي على النبي ﷺ في بيتي ، فقال : يا نبي الله ، إني كانت لي امرأة فتزوجت عليها أخرى ، فزعمت امرأتي الأولى أنها أرضعت امرأتي الحدثى رضعة أو رضعتين ، فقال ﷺ : « لا تحرم الإملاجة والإملاجتان » .

وفي رواية عنها : أنه ﷺ قال : « لا تحرم المصة والمصتان »([125]).

وجه الدلالة : أن هذه الأحاديث ورد بعضها جوابا لسؤال ، وبعضها تأسيس لحكم مبتدأ ، وقد نفت القليل بمنطوقها ، وسكتت عما فوق الرضعتين ، فجاءت أحاديث الخمس فحددته وعينته .

3- ما روي عن عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت : كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات ، فتوفى رسول الله ﷺ وهن فيما يقرأ من القرآن .

وفي رواية : أنزل في القرآن عشر رضعات ، ثم نزل أيضا خمس معلومات ([126]).

وجه الدلالة : ففي هذا الحديث أخبرت عائشة – رضي الله عنها – أن النسخ بخمس رضعات تأخر إنزاله جدا حتى أنه ﷺ توفي وبعض الناس يقرأ خمس رضعات ، ويجعلها قرآنا متلوا . وهذا لا يكون من قبيل الرأي والاجتهاد ، بل حكمه حكم المرفوع إلى النبي ﷺ كما هو في القاعدة الأصولية .

واعترض عليه : بأن عائشة روته على أنه قرآن ، وقالت : لقد كان في صحيفة تحت سريري ، فلما مات رسول الله ﷺ وتشاغلنا بموته دخل دواجن فأكلتها([127]).

وقد ثبت أنه ليس من القرآن لعدم التواتر ، ولا تحل القراءة به ولا إثباته في المصحف ، ولم ينقله الراوي نقل الخبر حتى يقبل ([128]).

وأجيب : بأنه لا خلاف بين الفقهاء على أن العشر الرضعات منسوخة تلاوة وحكما . ولا خلاف بينهم كذلك على أن الخمس الرضعات منسوخة تلاوة ، واختلفوا في بقاء الحكم بعد نسخ التلاوة .

فالجمهور من الفقهاء والمتكلمين يقولون : يصح الاحتجاج بهذا النوع ، وتثبت به الأحكام([129]) . وشذت فرقة من المعتزلة ، فأنكرت هذا النوع ، وقالوا : لأن الحكم لا يثبت بدون دليله ، ولا وجه لذلك ، فإن الدليل موجود ومحفوظ ونسخ قرآنيته لا يستلزم عدم وجوده ، ولهذا رواه الثقات في كتبهم ، والمنكر لهذا النوع هو منكر لإجماع الصحابة على حد الرجم ، وهو مثله ([130]).

ولم أجد أحدا من الفقهاء حرر هذه المسألة ، بل الكل يرجعها إلى القراءة الشاذة ، مع أن الأصوليين يوردونها في كتبهم وينصون على هذا النوع ، وأنه كان من القرآن قبل جمعه في عهد الرسول ﷺ . فالاحتجاج بهذا النوع يكاد أن يكون إجماعا بين أهل السنة والجماعة ، وشذوذ فرقة من المعتزلة لا يعتبر ([131]).

وأما القراءة الشاذة فالخلاف قائم في الاحتجاج بها بين فقهاء المذاهب . وقد أنكر هذا النوع جماعة من المعاصرين ، وقالوا : " إن هذه سنة ثابتة وليست قرآنا منسوخا " . وعلى التقديرين فإن الحكم ثابت ومعمول به ، ويكون من قبيل خبر الآحاد([132]).

أما قول عائشة – رضي الله عنها – فتوفى رسول الله ﷺ وهن يتلى من القرآن ، فقد قال ابن حزم في معنى هذا القول :

" أما القسم الذي رفع لفظه وبقي حكمه فآية الرجم ، وآية الخمس رضعات المحرمات ، وقد تعلل قوم في رد هذا الحديث بقول عائشة – رضي الله عنها - : " فتوفى رسول الله ﷺ وأنها مما يقرأ من القرآن ". قال أبو محمد : " وهذا لا تعلل فيه ، وإنما معناه : أنه يقرأ من القرآن الذي سقط رسمه وإثباته في المصحف ، ولم تقل عائشة – رضي الله عنها – قط : أنه من القرآن المتلو في المصحف ، فبطل تعليلهم "([133]).

الراجح في هذه المسألة – والله أعلم – هو القول بأن الرضاع المحرم لا يثبت إلا بخمس رضعات متفرقات ومتيقنات فأكثر ، وذلك لما يلي :

1- لقوة الأدلة التي ساقها أصحاب هذا القول ، وسلم هذا القول من المعارض .

2- مظنة إنبات اللحم وإنشاز العظم هو خمس رضعات : كما في قوله ﷺ : « لا رضاع إلى ما أنشز العظم وأنبت اللحم ». وفي لفظ : « إلا ما أنبت اللحم والعظم »([134]).

3- لكون الخمس رويت في قصة سالم مولى أبي حذيفة من رواية عروة بن الزبير مرسلا ، وهو قوله ﷺ : « أرضعيه خمس رضعات »([135]) ، وقد جاء موصولا عن عائشة بلفظ : « أرضعيه خمس رضعات » ([136]).

4- بعد الاستقراء لأقوال الفقهاء نجد أنها تتفق على التحريم إذا بلغت خمس رضعات وإنما الخلاف فيما دونها .

5- أن في جعل الرضاع المحرم خمس رضعات تيسير على الناس ، وتسهيل عليهم ودفع الحرج عنهم .

تحديد الرضعة عند القائلين بالتعدد :

وتحديد الرضعة عند القائلين بالتعدد ، وهم الشافعية والحنابلة : يرجع إلى العرف .

والعرف : أنه إذا ارتضع الرضيع ثم قطع الرضاع باختياره من غير عارض ؛ كان ذلك رضعة ، ثم يرتضع ويقطعه إلى أن يستوفى العدد . وهذا باتفاق بين الشافعية والحنابلة ([137]).

في الزمن المحرم للرضاع :

قد اختلف الفقهاء في تحديد الزمن المحرم للرضاع على أقوال كثيرة ، منها ما يلي :

القول الأول : أن الرضاع المحرم ما كان في الحولين ، سواء فطم الرضيع أو لم يفطم ، وما كان بعدهما فلا تأثير له في التحريم . وبه قال الشافعي وأحمد وأبو حنيفة في رواية ومحمد بن الحسن وأبو يوسف ورواية عن مالك . وصح ذلك عن عمر وابن مسعود وأبي هريرة وابن عباس وابن عمر . وروي عن سعيد بن المسيب والشعبي وابن شبرمة . وهو قول سفيان وإسحاق وأبي عبيد وابن المنذر وداود وجمهور أصحابه ([138]).

القول الثاني : أن الرضاع المحرم ما كان قبل الفطام ولم يحده بزمن . فإذا فطم وله عام واحد ، ثم رضع في الحولين ؛ لم يحرم هذا الرضاع الثاني شيئا . فإن تمادى رضاعه ولم يفطم قبل الحولين ؛ فإنه ما كان في الحولين ، فإنه يحرم . وما كان بعدهما فإنه لا يحرم وإن تمادى رضاعه . صح ذلك عن أم سلمة وابن عباس . وبه قال الزهري والحسن وقتادة وعكرمة والأوزاعي ([139]).

القول الثالث : أن الرضاع المحرم هو ما كان في ثلاثين شهرا . وبه قال أبو حنيفة في رواية ([140]).

القول الرابع : أن الرضاع المحرم ما كان في الحولين وما قاربهما ، ولا حرمة له بعد ذلك.

وبه قال مالك . وفي تحديد ما قارب الحولين روايات . فروي عنه : اعتبار أيام يسيرة. وروي عنه : شهران . وروي : شهر ونحوه . وروى عنه الوليد بن مسلم وغيره : إن كان بعد الحولين من رضاع بشهر أو شهرين أو ثلاثة أشهر ؛ فإنه عند من الحولين . وهذا هو المشهور عند كثير من أصحابه ([141]).

القول الخامس : أن الرضاع المحرم ما كان في ثلاث سنين ، فما زاد عليها لا يحرم. وبه قال زفر من الحنفية ([142]).

القول السادس : أن الرضاع المحرم لا وقت له مطلقا ، سواء أكان صغيرا وكبيرا ، فالتحريم ثابت في كل . وهو الثابت عن عائشة . ويروى عن علي وعروة بن الزبير والليث بن سعد وعطاء بن أبي رباح وابن حزم ([143]).

استدل القائلون بأن الرضاع المحرم لا وقت له مطلقا سواء كان صغيرا أو كبيرا بما يلي :

1- قوله تعالى : ﴿ والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ﴾ ([144]). وجه الدلالة : أن الله تعالى أمر الوالدات بإرضاع المولود عامين ، وليس في هذا تحريم للرضاعة بعد ذلك ، ولا أن التحريم ينقطع بتمام الحولين ([145]).

واعترض عليه : بأن الله تعالى ذكر التمام ، وهل بعد التمام زيادة ؟ فإذا لم يسلم هذا ؛ فيلزم أن تقولوا في قوله تعالى : ﴿ فتلك عشرة كاملة ﴾([146]) مثل قولكم في هذه الآية : أنه يجوز الزيادة على العشر ، وهذا لم يقل به أحد .

2- قوله تعالى : ﴿ وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة ﴾ ([147]).

وجه الدلالة : أن الله تعالى لم يقل في الحولين ، ولا وقت دون وقت زائدا على الآيات الآخر . وهذا عموم ، لا يجوز تخصيصه إلا بنص مبين : أنه مخصص له ، لا بظن ، ولا بمحتمل لا بيان فيه ([148]).

واعترض عليه : بأنه قد وجد المخصص والمبين لذلك ، وهو قوله تعالى :
﴿ وفصاله في عامين ﴾([149]) والفصال هوالفطام .

3- عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي ﷺ فقالت : يا رسول الله ، إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم ، وهو حليفه ، فقال رسول الله ﷺ : « أرضعيه » فقالت : كيف أرضعه ، وهو رجل كبير ؟ فتبسم رسول الله ﷺ ، وقال : « وقد علمت أنه رجل كبير » ([150]).

وفي رواية ثانية عنها : أن سالما مولى أبي حذيفة كان مع أبي حذيفة وأهله في بيتهم فأتت يعني سهلة بنت سهيل إلى النبي ﷺ فقالت : أن سالما قد بلغ ما يبلغ الرجال ، وعقل ما عقلوا ، وأنه يدخل علينا ، وأني أظن أن في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئا ، فقال لها رسول الله ﷺ : « أرضعيه تحرمي عليه » ويذهب الذي في نفس أبي حذيفة([151]).

وفي رواية ثالثة : من طريق القاسم بن محمد بن أبي بكر : أن عائشة أخبرته  أن سهلة بنت سهيل بن عمرو جاءت إلى النبي ﷺ فقالت : يا رسول الله ، إن سالما معنا في بيتنا ، وقد بلغ ما يبلغ الرجال ، وعلم ما يعلم الرجال ، قال ﷺ : « أرضعيه تحرمي عليه » . قال فمكثت سنة أو قريبا منها لا أحدث به وهبته ( أي الراوي عن القاسم وهو ابن مليكة )([152]) ثم لقيت القاسم فقلت له : حدثني حديثا ما حدثته بعد قال : فما هو ؟ فأخبرته ، قال : فحدثه عني : أن عائشة أخبرتنيه([153]).

وفي رواية رابعة : من طريق حميد بن نافع عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة أنها قالت لعائشة : إنه يدخل عليك الغلام لا يقع الذي ما أحب أن يدخل علي . فقالت عائشة : أما لكِ في رسول الله أسوة ؟ قالت : إن امرأة أبي حذيفة قالت : يا رسول الله ، إن سالما يدخل علي وهو رجل ، وفي نفس أبي حذيفة منه شيء ؟ فقال رسول الله ﷺ : « أرضعيه حتى يدخل عليك » ([154]).

وفي رواية خامسة : من طريق حميد بن نافع يقول : سمعت زينب بنت أبي سلمة تقول : سمعت أم سلمة زوج النبي ﷺ تقول لعائشة ، والله ما تطيب نفسي أن يراني الغلام قد استغنى عن الرضاعة ، فقالت : لـم ؟ قد جاءت سهلة بنت سهيل إلى رسول الله ﷺ ، فقالت : يا رسول الله ، إني لأرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم ، قالت : فقال رسول الله ﷺ : « أرضعيه »([155]) .

قالوا : فهذه الآثار قد جاءت مجيء التواتر رواها أزواج النبي ﷺ كما أوردنا ذلك . وسهلة بنت سهيل من المهاجرات وزينب بنت أم سلمة ربيبة رسول الله ﷺ . ورواه من التابعين : القاسم بن محمد وعروة بن الزبير وحميد بن نافع .

ورواه عن هؤلاء : الزهري وابن أبي مليكة وعبد الرحمن بن القاسم ويحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة . ورواه أيوب السختياني وسفيان الثوري وابن عيينة وشعبة ومالك وابن جرير وشعيب بن أبي حمزة وغيرهم . ووراه عن هؤلاء الناس : الجمع الغفير ، فهو نقل كافة ، لا يختلف مؤالف ولا مخالف في صحته ([156]).

وأجيب عنه بأحد جوابين :

الأول : أنه منسوخ : وتقرير ذلك أن قصة سالم كانت في أوائل الهجرة ، والأحاديث الدالة على اعتبار الحولين من رواية أحداث الصحابة ، فدل على تأخرها([157]).

واعترض عليه : بأنه هذا مستند ضعيف ؛ إذ لا يلزم من تأخر إسلام الراوي ولا صغره ألا يكون ما رواه متقدما([158]) إلا أن في سياق القصة ما يشعر بسبق الحكم باعتبار الحولين ؛ لقول امرأة أبي حذيفة في بعض الطرق حيث قال لها رسول الله ﷺ : « أرضعيه » قالت : كيف أرضعه وهو رجل كبير ، فتبسم رسول الله ﷺ ، وقال : « وقد علمت أنه رجل كبير » . وفي رواية لمسلم ، قالت : أنه ذو لحية ، قال : « أرضعيه » ([159]).

هذا مشعر بأنها كانت تعرف أن الصغر معتبر في الرضاع المحرم([160]) إلا أن دعوى النسخ تحتاج إلى معرفة التاريخ بين النصوص ، وليس عندنا في هذين الحديثين ما نجزم به على أن أحدهما ناسخ والآخر منسوخ . ثم لو أنه كان منسوخا لقاله الذين يحاجون عائشة – رضي الله عنها – في هذه المسألة ، ويناظرونها من أزواج النبي ﷺ وغيرهم .

والجواب الثاني : أن هذا الحديث خاص بسالم وامرأة أبي حذيفة ، ولا يكون لأحد غيرهما([161]) .

ودليلهم على ذلك قول أم سلمة وأزواج النبي ﷺ : " ما نرى هذه إلا رخصة أرخصها رسول الله ﷺ لسالم t خاصة "([162])، وما كان من خصوصية بعض الناس لمعنى لا نعقله لا يحتمل القياس ، ولا نترك به الأصل المقرر في الشرع ، وهو أن التحريم لا يقع إلا في الصغر . قالوا : ويتعين هذا المسلك ، وإلا لزمنا نسخ هذا الحديث بالأحاديث الدالة على اعتبار الصغر في التحريم أو نسخها به ، ولا يمكن هذا لأننا لا نعلم تاريخ الناسخ من المنسوخ منهما . وبهذا المسلك أي الخصوصية نتمكن من العمل بالأحاديث كلها ، فيكون هذا الحديث خاصا بسالم وسهلة امرأة أبي حذيفة ، وسائر الأحاديث لعامة الأمة ، وله نظائر كثيرة مثل شهادة خزيمة ([163]).

واعترض عليه : بأن هذا ظن بلا شك ، والظن لا يعارض بالسنن ، وشتان بين احتجاج أم سلمة باختيارها وبين احتجاج عائشة بالسنة الثابتة ، وقولها لها : أما لك في رسول الله أسوة حسنة ؟ . وأنه لو كان خاصا لبينه النبي ﷺ ، كما بين لأبي بردة حينما ضحى بالعناق ، وقال له : « تجزئك ، ولا تجزئ عن أحد بعدك » ([164]).

ويجاب عنه : بأن التبنى كان مشهورا عندهم ، ولو كان الحكم عاما لشمل كل من كان لديه ولد من التبنى مع أنهم كثيرو الدخول على من تبناهم ، وعلى رأس المتبنين حب رسول الله ﷺ زيد بن حارثة الذي كان متبنى للنبي ﷺ في الجاهلية والإسلام ، ويدعى زيد بن محمد حتى نزل قوله تعالى : ﴿ ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ﴾([165]).

وأزواج النبي ﷺ أعلم بالعام والخاص والناسخ والمنسوخ ، ويمكن أن يحمل ذلك على أن عائشة – رضي الله عنها – تأولت هذا الحكم مثل تأويل عثمان وإتمامه للصلاة في السفر ، وأنها نسيت أنها الراوية لحديث : « إنما الرضاعة من المجاعة » ، ويشهد لذلك ما روي عن ابن مسعود : « لا رضاع إلا ما أنشز العظم وأنبت اللحم » وأي إنشاز في رضاع الكبير ، وأي إنبات ، وقد كملت أعضاؤه ، فلن تنمو بعد([166]) .

فالأقرب – والله أعلم – أن نقول : بأن هذا الحكم خاص لسالم لتردد امرأة أبي حذيفة على النبي ﷺ ، وقولها له : كيف أرضعه ، وهو رجل كبير . وفي رواية : كيف أرضعه وهو ذو لحية ، كأنها تعرض بأن هذا الحكم قد خالف الأمر المقرر عندهم من اعتبار الصغر في الرضاع المحرم .

 استدل القائلون بأن الرضاع لا وقت له بما يلي :

بما روت عائشة – رضي الله عنها – قالت : دخل علي رسول الله ﷺ وعندي رجل ، فقال : يا عائشة ، من هذا ؟ قلت : أخي من الرضاعة ، فقال : « يا عائشة ، انظرن من إخوانكم ، إنما الرضاعة من المجاعة » ([167]).

وجه الاستدلال : أن الرضاعة تطرد المجاعة عن الكبير مثلما تطردها عن الصغير ، فهو عام لكل رضاع ([168]).

واعترض عليه : بأنه لا يعقل أن الرجل الكبير يشبعه رضاع المرأة ويطرد عنه الجوع ، بخلاف الصغير فإنه ليس له ما يقوم مقام اللبن ، فهو طارد للجوع عنه ، والكبير ليس بذا مجاعة إلى اللبن أصلا . والذي يوضع هذا أنه ﷺ لم يرد حقيقة المجاعة ، وإنما أراد مظنتها وزمنها ، ولا شك أنها الصغر ([169]).

فإذا لم يسلم هذا لزم أن لا يحرم رضاع الكبير إلا وهو جائع ، فلو ارتضع وهو شبعان لم يؤثر شيئا ، ولا قائل به . فبطل استدلالهم بهذا الحديث وصار حجة عليهم لا لهم .

واستدل القائلون : بأن الرضاع المحرم ما كان في ثلاث سنين ، فما زاد عليها لا يحرم بما يلي :

قالوا : إنه لما كان الصبي لا يستغني عن اللبن دفعة واحدة ، بل لا بد من مدة ليتعود فيها غير اللبن لينقطع الإنبات باللبن ، وذلك بزيادة مدة يتعود فيها تغير الغداء ، فكان الحول حسنا للتحول من حال إلى حال لاشتماله على الفصول الأربعة ([170]).

واعترض عليه : بأنه معارض بالنص ، والرأي في مقابلة النص باطل .

واستدل القائلون بأن الرضاع المحرم هو ما كان في الحولين وما قاربهما بما يلي :

قالوا : لما ثبت حكم الحولين ، فما قاربهما يعطي حكمهما ([171]).

واعترض عليه : بأنه اجتهاد في مقابلة النص ، وهو باطل .

واستدل القائلون بأن الرضاع المحرم هو ما كان في ثلاثين شهرا بما يلي :

1- قوله تعالى : ﴿ وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة ﴾([172]) .

وجه الاستدلال : أنه تعالى أثبت الحرمة بالرضاع مطلقا من التعرض لزمان الإرضاع إلا أنه قام الدليل على أن زمان ما بعد ثلاثين شهرا ليس بمراد ، فيعمل بإطلاقه فيما وراءه ([173]).

واعترض عليه : بأنه قد قام الدليل على التقييد ، وهو قوله تعالى : ﴿ وفصاله في عامين ([174])﴾. والفصال في اللغة : الفطام ([175]).

2- قوله تعالى : ﴿ فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما ﴾([176]).

وجه الدلالة من الآية من وجهين :

الوجه الأول : أنه أثبت لهما إرادة الفصال مطلقا عن الوقت ، ولا يكون فصالا إلا عن رضاع ، فدل على بقاء الرضاع في مطلق الوقت إلى أن يقوم الدليل على التقييد([177]).

واعترض عليه : بأن المقصود بإرادة الفصال هنا ، إنما هو قبل الحولين بدليل تقييده بالتراضي والتشاور ، وبعد الحولين لا يحتاج إلى التراضي والتشاور([178]) .

3- قوله تعالى : ﴿ والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ﴾ ([179]).

وجه الدلالة : أن الحولين مدة الرضاع في حق من أراد إتمام الرضاعة ، وهذا لا ينفي أن تكون الزيادة على الحولين في حق من لم يرد أن يتم الرضاعة مع أن ذكر الشيء بالتمام لا يمنع من احتمال الزيادة فيه . ألا ترى إلى قوله ﷺ : « من أدرك عرفة فقد تم حجه » ([180]).

وهذا لا يمنع زيادة الفرض عليه ، فإن طواف الزيارة من فروض الحج([181]).

واعترض عليه : بأن ذكر الشيء بالتمام لا يمنع الزيادة عليه . وعضدوا ذلك بالحديث الذي أوردوه ، فنقول : قد قام الدليل على وجوب الزيادة . أما ههنا في الرضاع فلم يقم الدليل على الزيادة ، بل قام على ضد ذلك ، وهو عدم الزيادة ، فالفرق واضح بين المسألتين .

4- قوله تعالى : ﴿ وفصاله في عامين ﴾([182]).

وجه الدلالة : أن الفصال في عامين لا ينفي الفصال في أكثر من عامين : كما لا ينفيه في أقل من عامين عن تراض منهما وتشاور ، فكان هذا استدلالا بالمسكوت ([183]).

واعترض عليه : بأنه لا خلاف بين العلماء على أنه إذا تم الفصال في أقل من عامين عن تراض وتشاور ؛ جاز . أما قولهم : أن الفصال في عامين لا ينفي الفصال في أكثر من عامين . فهذا مكابرة وتحميل للفظ ما لا يحتمل .

5- قوله تعالى : ﴿ وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ﴾ ([184]).

وجه الدلالة : قالوا : يحتمل ما ذكرتم من أن المراد من الحمل الحمل بالبطن ، والفصال هو الفطام ، فيقتضي أن تكون مدة الرضاع سنتين ، ومدة الحمل ستة أشهر ، كما روي عن ابن عباس . ويحتمل أن يكون المراد بالحمل الحمل باليد والحجر ، فيقتضي أن تكون الثلاثون مدة الحمل والفصال جميعا ؛ لأنه يحمل باليد والحجر في هذه المدة غالبا لا أن بعض هذه المدة مدة الحمل ، وبعضها مدة الفصال ؛ لأن إضافة السنتين إلى الوقت لا تقتضي قسمة الوقت عليهما ، بل تقتضي أن يكون جميع ذلك الوقت مدة لكل واحد منهما ، فيقتضي أن يكون الثلاثون شهرا مدة الرضاع ، فلا يكون حجة مع الاحتمال ([185]).

واعترض عليه : بأن أكثر مدة الحمل على ما ذهب إليه الحنفية سنتان ، فكيف تقولون : إنها ثلاثون شهرا ؟ وهذا في غاية التناقض . وكيف يراد بلفظ الثلاثين في إطلاق واحد حقيقة ثلاثين وأربعة وعشرين باعتبار إضافتين ؟ ([186]).

واستدل القائلون بأن الرضاع المحرم هو ما كان قبل الفطام ، ولم يحدوه بزمن بما يلي :

1- ما روي عن أم سلمة عن النبي ﷺ أنه قال : « لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء ، وكان في الثدي وقبل الفطام »([187]).

وجه الدلالة : أن الرضاع هو الواصل إلى الأمعاء ومغذيها وكان ذلك في زمن الإرضاع ، وكان قبل الحولين .

واعترض عليه : بأنه منقطع ؛ لأن فاطمة بنت المنذر لم تسمع من أم سلمة ؛ لأنها كانت ليس أسن من زوجها هشام باثني عشر عاما ، وكان مولد هشام سنة ( 60 هـ ) فمولد فاطمة على هذا سنة ( 48 هـ ) ثمان وأربعين ، وماتت أم سلمة سنة ( 59 هـ ) وفاطمة صغيرة لم تلقها . فكيف أن تحفظ عنها ، ولم تسمع من خالة أبيها عائشة أم المؤمنين شيئا ([188]).

وأجيب عنه : بأنه قد صحح الترمذي والحاكم هذا الحديث ، فتندفع علة الانقطاع ، وهما لا يصححان ما كان منقطعا إلا وقد صح لهما اتصاله لما تقرر في علم المصطلح : أن المنقطع من أقسام الضعيف ([189]).

وأيضا هذا الحديث لا انقطاع فيه ، ولا سيما أن فاطمة كانت وقت وفاة أم سلمة بنت إحدى عشرة سنة ، وهذا سن جيد ، فإنها تصلح فيه للزوج ، فمن هي في سن الزواج ، فكيف يقال عنها : إنها لا تعقل ما تسمع ، ولا تدري ما تحدث به ؟ مع أن أم سلمة كانت مصادقة لجدتها أسماء ، وكانت دارهما واحدة ، فنشأت فاطمة هذه في حجر جدتها أسماء مع خالة أبيها عائشة – رضي الله عنها – وأم سلمة ، وماتت عائشة سنة
( 57 هـ )، وقد يمكن سماع فاطمة منها . وأما جدتها أسماء فماتت سنة ثلاث وسبعين ، وفاطمة إذ ذاك بنت خمس وعشرين ، فلذلك كثر سماعها منها . وقد أفتت أم سلمة بمثل الحديث الذي روته سواء ، فقال أبو عبيد : حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أم سلمة أنها سئلت ما يحرم من الرضاع ، فقالت : ما كان في الثدي قبل الفطام . فروت الحديث وأفتت بموجبه ([190]).

2- عن علي t أن النبي ﷺ قال : " لا رضاع بعد فصال ولا يتم بعد احتلام "([191]).

وجه الدلالة : أن الرضاع المحرم هو ما كان قبل الفصال ، ولا اعتبار بالرضاع بعده .

واعترض عليه : بأنه حديث ضعيف ؛ لأنه من رواية جويبر ، وهو ساقط ([192]).

وإن سلمنا بصحة ما ورد في الاستدلال لهذا القول فإنه عند التأمل نجد أنه موافق لرأي الجمهور ، بل هذا نص في موافقة الجمهور ؛ لأنه قال : لا رضاع محرم بعد الفصال ، والفصال منصوص عليه في قوله تعالى : ﴿ وفصاله في عامين ﴾([193]) فيكون حجة للجمهور([194]).

واستدل القائلون بأن الرضاع المحرم هو ما كان في الحولين سواء فطم أو لم يفطم بما يلي :

1- قوله تعالى : ﴿ والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ﴾([195]).

وجه الدلالة : أن الله تعالى جعل تمام الرضاعة حولين فيدل على أنه لا حكم لها بعدها([196]) وما جعل الله له غاية فالحكم بعد مضي الغاية فيه غيره قبل مضيها ([197]).

2- قوله تعالى : ﴿ وفصاله في عامين ﴾([198]) . والفصال هو الرضاع كما نصت عليه الآية بقوله تعالى : ﴿ وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ﴾ ([199]).

وجه الدلالة من الآيتين : أن الآيتان صريحتان في أن مجموع الفصال والحمل ثلاثون شهرا ، والرضاع عامان بنص الآية ، فعلم يقينا أن أقل مدة الحمل ستة أشهر . وهذا مما لا خلاف فيه بين الفقهاء ([200]). أي أن ومن ولدت لستة أشهر من فراش صحيح فإن نسب هذا المولود يثبت من أبيه اتفاقا .

3- ما روي عن ابن عباس عن النبي ﷺ : « لا رضاع إلا ما كان في الحولين »([201]) .

وجه الدلالة : أن الرضاع المحرم ما كان في الحولين ، وهو الذي يندفع به الجوع عن الرضيع ، والحاجة إليه أقوى ، وهذا نص صريح في الباب .

واعترض عليه : بأنه موقوف ولا حجة في الموقوف ؛ لأن غير الهيثم يوقفه على ابن عباس . روى ذلك سعيد بن منصور عن ابن عيينة ، فوقفه ([202]). ورواه ابن عدي في الكامل ، وقال : تفرد به الهيثم ، وهو يغلط على الثقات .

وأجيب عنه : بأن من المقرر في علوم الحديث : أنه إذا تعارض الوقف والوصل من بعض الثقات الضابطين ؛ فالصحيح أن الحكم للوصل لأن ذلك زيادة ثقة ، وهي مقبولة([203]) ، والهيثم بن جميل ثقة : كما قاله الدارقطني ، وهو من أئمة الجرح والتعديل كما هو معروف . ووثقه أحمد والعجلي وابن حبان وغير واحد([204]).

واعترض عليه : بأن الراوي عن الهيثم أبو الوليد بن برد الأنطاكي ، وهو لا يعرف قاله ابن القطان([205]) ، وقال صاحب التنقيح في الجواب عن هذا : " أبو الوليد بن برد هو محمد بن أحمد بن الوليد بن برد ، وثقه الدارقطني ، وقال النسائي : صالح "([206]).

ومن ثم فإن هذا الحديث يكون حجة في أن الرضاع المحرم هو ما كان في الحولين ، وقد سلم من المعارض .

4- ما روي عن عائشة – رضي الله عنها – أن رسول الله ﷺ دخل عليها وعندها رجل فتغير وجهه ، وقال : « انظرن من إخوانكم ، فإنما الرضاعة من المجاعة »([207]).

وجه الاستدلال : أن النبي ﷺ أمر عائشة أن تتحقق من هذه الإخوة . ويفهم من هذا أنه ليس كل رضاع محرم ، وإنما الرضاع المحرم ما كان في زمن المجاعة . وهذا لا يكون إلا في الصغر ؛ إذ من المعروف أن الكبير لا يندفع عنه الجوع بسهولة ، فيكون المقصود هو الرضيع .

5- ما روي عن ابن مسعود t قال : قال رسول الله ﷺ : « لا رضاع إلا ما أنشز العظم وأنبت اللحم » ([208]).

وجه الدلالة : أن إنبات اللحم وإنشاز العظم الذي يجعل الطفل جزءا ممن أرضعته إنما يكون من الصغر .

واعترض عليه : بأنه أخرجه أبو داود من حديث أبي موسى الهلالي عن أبيه عن ابن مسعود ، قال أبو حاتم : أبو موسى وأبوه مجهولان ([209]).

وأجيب عنه : بأنه أخرجه البيهقي([210]) من وجه آخر من حديث أبي حصين عن ابن عطية موقوفا على ابن مسعود ، قال : جاء رجل إلى أبي موسى ، فقال : امرأتي ورم ثديها فمصصته ، فدخل حلقي شيء سبقني ، فشدد علي أبو موسى ، فأتى عبد الله بن مسعود فقال : سألت أحدا غيري قال : نعم أبا موسى فشدد علي ، فأتى أبا موسى ، فقال : أرضيع هذا ؟ فقال أبو موسى : لا تسألوني ما دام هذا الخير فيكم أو قال : بين أظهركم .

ورواه الثوري عن أبي حصين ، وزاد فيه عن عبد الله بن مسعود : إنما الرضاع ما أنبت اللحم والدم ([211]).

6- ما روي عن ابن عمر قال : سمعت عمر يقول : " لا رضاع إلا في الحولين في الصغر "([212]).

7- وعن ابن مسعود قال : " لا رضاع إلا ما كان في الحولين "([213]).

8- قالوا : لما كان في إرضاع الولد إنهاك للمرضعة ، وغالبا ما تصاب على إثر ذلك بالهزال والضعف في جسمها ناسب أن تحدد مدة الرضاع بحولين ، وهي مدة كافية لتغدية الرضيع . أما إذا زادت فإن فيها إضرارا على المرضعة وعلى زوجها في آن واحد ، والضرر منهي عنه سواء كان على الزوجة أو الزوج ([214]).

الراجح في هذه المسألة – والله أعلم – : هو القول بأن الرضاع المحرم هو ما كان في الحولين سواء فطم أو لم يفطم ؛ وذلك لما يلي :

1- لقوة أدلته من الآيات القرآينة .

2- ولتعضيده بالأحاديث : مثل قوله ﷺ : « لا رضاع إلا ما فتق الأمعاء » ، وقوله :
« لا رضاع إلا ما كان في الحولين » .

3- ولتقويته بآثار الصحابة : عن عمر وابن مسعود وغيرهما .

4- ولإجماع الفقهاء ، وقد أجمعوا على أن المرضعة سواء كانت أما أو غيرها لا تستحق أجرا على الرضاع لأكثر من حولين ([215]).

المبحث الثالث : بيع لبن الآدمي والإجارة في الرضاع .

حكم بيع لبن الآدمي :

وقد اختلف العلماء في جواز بيع لبن الآدمية إلى ثلاثة أقوال :

القول الأول : يجوز بيع لبن الآدمية إذا حلب . ذهب إليه المالكية والشافعية وهو الأصح عند الحنابلة .

القول الثاني : لا يجوز بيع لبن الآدمية . ذهب إلى ذلك الحنفية وجماعة من الحنابلة([216]).

وفي ظاهر الرواية عند الحنفية : لا فرق بين لبن الحرة ولبن الأمة في عدم جواز بيعه ؛ لأن الآدمي لم يجعل محلا للبيع إلا بحلول الرق فيه ، والرق لا يحل إلا في الحي ، واللبن لا حياة فيه ، فلا يحله الرق ، فلا يكون محلا للبيع ([217]).

وعند أبي يوسف : يجوز بيع لبن الأمة ؛ لأنه جزء من آدمي هو مال ، فكان محلا للبيع كسائر أجزائه ([218]).

القول الثالث : يكره بيع لبن الآدمية . روي ذلك عن الإمام أحمد ([219]) .

واستدل القائلون بجواز بيع لبن الآدمية إذا حلب بما يلي :

1- لأنه لبن طاهر منتفع به ، فجاز بيعه كلبن الشاة ([220]).

2- ولأنه غذاء للآدمي فجاز بيعه كالخبز ([221]).

وقد نوقش هذا الاستدلال : بأن هذا منتقض بدم الحيض فإنه غذاء للجنين ، ولا يجوز بيعه ([222]).

الجواب : أن هذا ليس بصحيح ولا يتغذى الجنين بدم الحيض ، بل يولد وفمه مسدود لا طريق فيه لجريان الدم ، وعلى وجهه المشيمة ، ولهذا أجنة البهائم تعيش في البطون ولا حيض لها ([223]).

3- ولأنه لبن أبيح شربه ، فأبيح بيعه قياسا على سائر الأنعام .

ونوقش هذا الاستدلال : بأن هذا ينتقض بالعرق .

الجواب : لا نسلم ، بل يحل شربه ([224]).

4- ولأنه يجوز أخذ العوض عنه في إجارة الظئر ، فأشبه المنافع .([225])

واستدل القائلون بتحريم بيع لبن الآدمية بما يلي :

1- لأنه مائع خارج من آدمية فلم يجز بيعه كالعرق والدمع والمخاط .

ونوقش هذا الاستدلال : بأن الدمع والعرق والمخاط لا منفعة فيها بخلاف اللبن([226]).

2- ولأنه يباع في العادة .

ونوقش هذا الاستدلال : بأنه لا يلزم من عدم بيعه في العادة أن لا يصح بيعه ، ولهذا يجوز بيع بيض العصافير ، وبيع الطحال ، ونحو ذلك مما لا يباع في العادة([227]).

3- ولأنه جزء آدمي ، وما لا يجوز بيعه متصلا لا يجوز بيعه منفصلا ، كشعر آدمي .

ونوقش هذا الاستدلال : بأن شعر آدمي لا يجوز الانتفاع به بخلاف اللبن .([228])

4- ولأن اللبن ليس بمال فلا يجوز بيعه ، والدليل على أنه ليس بمال إجماع الصحابة – رضي الله عنهم – والمعقول .

أما إجماع الصحابة فما روي عن عمر وعلي – رضي الله عنهما – أنهما حكما بوجوب قيمة اللبن بالاستهلاك ، ولو كان مالا لحكما ، وكان ذلك بمحضر من الصحابة ولم ينكر عليهما أحد فكان إجماعا ([229]).

وأما المعقول فلأنه لا يباح الانتفاع به شرعا على الإطلاق ، بل لضرورة تغدية الطفل ، وما حرم الانتفاع به شرعا إلا لضرورة لا يكون مالا ، والدليل عليه أن الناس لا يعدونه مالا ، ولا يباع في سوق من الأسواق ، ولأنه جزء من الآدمي ، والآدمي بجميع أجزائه محترم مكرم ، وليس من الكرامة والاحترام ابتذاله بالبيع والشراء ([230]).

وهذا هو الراجح في نظري ؛ لقوة ما استدلوا به من الإجماع والمعقول . والله أعلم.

حكم إجارة الظئر للإرضاع :

استئجار المرأة جائز بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول :

أما الكتاب :

فقوله تعالى : ﴿ فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ﴾. وقوله تعالى : ﴿ وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى ﴾([231]) . وليس في القرآن إجارة منصوص عليها سوى إجارة الظئر .

أما السنة :

فقد بعث رسول الله ﷺ والناس يتعاملون باستئجار الظئر ، فأقرهم عليه . ومن المعلوم : أن التقرير من الرسول ﷺ دليل شرعي تبنى عليه الأحكام الشرعية([232]) . وقد استرضع النبي ﷺ لولده إبراهيم ([233]). وقد استؤجر لرسول الله ﷺ حليمة السعدية لإرضاعه([234]) .

أما الإجماع :

فقد أجمع المسلمون على جواز استئجار الظئر ، ولم يخالف في ذلك أحد إلا ابن علية والأصم ، ولا يلتفت إلى خلافهما ؛ لأنه مخالف للقرآن صراحة([235]) .

أما المعقول :

فإن الناس في حاجة إلى هذا النوع من الإجارة ؛ لأن الصغار لا يتربون إلا بلبن الآدمية غالبا ، والأم قد تعجز عن الإرضاع لمرض أو موت ، أو تأبى أن ترضع ، ولا يمكن حصول المقصود من تغدية الرضيع إلا عن طريق استئجار الظئر([236]) .

والإرضاع قد يكون من الأم ، وقد يكون من غيرها ، ولم أجد لغير الحنفية كلاما في أثر العقد في صحة الإجارة.

وللحنفية قولان في ذلك :

القول الأول : أن إرضاع الأم لولدها لا يتوقف على الاتفاق والعقد ؛ لأن الأم لولدها وحنانها على ولدها قد ترضعه قبل الاتفاق على الأجرة ؛ فلا يتوقف إرضاعها ولدها على العقد والاتفاق ، بل تستحق الأجرة من حين إرضاعها ([237]).

القول الثاني : أن الإرضاع يتوقف على العقد ، ولا فرق بين أن تكون المرضعة أمه أو أجنبية ؛ فلا تستحق أجرة في حالة إرضاعها قبل العقد([238]) ؛ لأن الأصل أن يكون هناك عقد ؛ لأنه قطع للنزاع والجهالة المترتبة على عدم العقد .

والراجح والله أعلم هو التفريق بين أن تكون المرضعة أما وغيرها ، فيشترط في غير الأم ولا يشترط بالنسبة إلى الأم ؛ لأن الله جعل استحقاقهن الأجرة مترتبا على الإرضاع ، لا على الاتفاق ، قال تعالى : ﴿ فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ﴾([239]) . أما غير الأم فيشترط في حقها ؛ لأن الأصل هو العقد ، ولأنه أقطع للنزاع وللجهالة المترتبة على عدم العقد .

ولصحة الإجارة في الإرضاع شروط ، وهي كالآتية :

1- أن تكون مدة الرضاع معلومة الأجل ([240]).

2- أن يكون مقدار الأجرة معلوما ([241]).

3- أن يكون موضع الإرضاع التي ترضع فيه المرضعة معلوما ، سواء كان بيتها أو بيت ولي الرضيع ([242]).

4- تعيين الرضيع حال العقد بالمشاهدة والرؤية أمام المرضعة أو بالوصف : كأن يقول : سنة كذا شهرا أو أقل أو أكثر ([243]).

5- أن تكون المرضعة سليمة من الأمراض المعدية ([244]).

6- أن تكون المرضعة كثيرة اللبن ([245]).

7- أن تكون المرضعة ذات دين وخلق وعقل وأدب ([246]).

8- أن تكون المرضعة قد بلغت تسع سنين على أقل تقدير ([247]).

ويستحسن أن يكون عمر المرضعة بين الخامسة والعشرين والخامسة والثلاثين([248]) ؛ لأن لبن المسنة من النساء لا يكون عزيزا ولا جيدا صحيحا . فإذا كانت بين ذلك السن كان لبنها أنفع للرضيع ([249]).

ويستحسن أيضا أن تكون المرضعة قد ولدت ولدين أو ثلاثة من غير مرض ولا إسقاط ([250]).

*****

الفصل الثاني : في الأحكام المتعلقة بلبن الحيوان .

وفيه خمسة مباحث :

المبحث الأول : في طهارة لبن الحيوان :

وفيه مطلبان :

المطلب الأول : لبن المأكول اللحم .

لا خلاف بين الفقهاء في طهارة اللبن من حيوان حي مأكول اللحم([251])، لقوله تعالى : ﴿ وإن لكم في الأنعام لعبرة ، نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين ﴾ ([252]).

المطلب الثاني : لبن غير مأكول اللحم .

اتفق الفقهاء على نجاسة لبن الخنزير ، سواء كان حيا أم ميتا ([253]).

اختلف الفقهاء في طهارة لبن بعض الحيوانات ، تبعا لاختلافهم في حل أكلها ، فما حلّ أكله كان لبنه طاهرا ، وما حرم أكله كان لبنه نجسا ؛ لأن لبن غير الآدمي تابع للحمه . ومن أمثلة ذلك : لبن الفرس ، ولبن الحمر الأهلية ، ولبن الجلالة .

كما أن بعضا منهم اختلفوا في طهارة لبن الحيوانات المتفق على عدم أكلها ، ولكن الذي عليه الجمهور عدم طهارتها([254]).

وقال أبو سعيد الإصطخري : لبن ما لا يؤكل لحمه طاهر كعرقه([255]).

وذكر المرداوي([256]) قولين عند الحنابلة في حكم لبن الحيوان الطاهر غير المأكول :

أحدهما : نجس ، نقله أبو طالب الحنبلي في لبن حمار. قال القاضي : هو قياس قوله في لبن السنور. وجزم به في مجمع البحرين ، ونصره المجد وابن عبيدان ، وقدمه في الرعاية الصغرى .

والثاني : طاهر ، وقدمه في الرعاية الكبرى ([257]).

المبحث الثاني : في لبن الفرس والحمر الأهلية والجلالة والميتة .

وفيه أربعة مطالب :

المطلب الأول : لبن الفرس .

اختلف الفقهاء في طهارة لبن الفرس على قولين :

القول الأول : أن لبن الفرس طاهر حلال . وبه قال الشافعية ، والحنابلة ، وأبو يوسف ومحمد بن الحسن من الحنفية ([258]) .

القول الثاني : أنه نجس محرم. وهو المشهور عند المالكية([259]) والمشهور عن أبي حنيفة([260]).

استدل القائلون بطهارة لبن الفرس وإباحة لحمه وشرب لبنه بما يلي :

1- ما روى جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما - قال : سافرنا مع رسول الله ﷺ فكنا نأكل لحوم الخيل ونشرب ألبانها ([261]).

وفي رواية عنه قال : نهى النبي ﷺ يوم خيبر عن لحوم الحمر ورخص في لحوم الخيل ([262]). وفي رواية عنه بلفظ : وأذن في لحوم الخيل ([263]).

وجه الدلالة : أن هذا الحديث يدل دلالة واضحة على طهارة لحم الفرس ولبن الفرس وإباحة لحمها ولبنها . وعلى أن الترخيص فيها كان في الوقت الذي حرمت فيه الحمر الأهلية .

وأعل بعض الحنفية حديث جابر هذا بما نقل عن ابن إسحاق : أنه لم يشهد خيبر .

وأجيب : بأن هذا ليس بعلة ؛ لأن غايته أن يكون مرسل صحابي .

وزعم بعضهم : أن حديث جابر هذا دال على التحريم ؛ لقوله : " رخص " ؛ لأن الرخصة استباحة المحظور مع قيام المانع ، فدل على أنه رخص لهم فيها بسبب المخمصة التي أصابتهم بخيبر ، فلا يدل ذلك على الحل المطلق([264]) ، يدل على ذلك قول الزهري : ما علمنا الخيل أكلت إلا في حصار . وقول الحسن : كان أصحاب رسول الله ﷺ يأكلون في مغازيهم ([265]).

وأجيب عنه : بأن أكثر الروايات جاءت بلفظ الإذن ، وبعضها بلفظ الأمر ، فدل على أن المراد بقوله : « رخَّص » أذَّن ، لا خصوص الرخصة باصطلاح من تأخر عن عهد الصحابة ([266]).

وأجيب أيضا : بأن الإذن في أكل الخيل لو كان رخصة لأجل المخمصة ، لكانت الحمر الأهلية أولى بذلك ؛ لكثرتها وعزة الخيل حينئذ . ولأن الخيل ينتفع بها فيما ينتفع بالحمير من الحمل وغيره ، والحمير لا ينتفع بها فيما ينتفع بالخيل من القتال وغيرها .

والواقع أنه ﷺ أمر بإراقة القدور التي طبخت فيها الحمر مع ما كان بهم من الحاجة ، فدل ذلك على أن الإذن في أكل الخيل إنما كان للإباحة العامة لا لخصوص الضرورة ([267]).

2- وعن أسماء بنت أبي بكر – رضي الله عنهما – قالت : نحرنا فرسا على عهد رسول الله فأكلناه . متفق عليه([268]). وفي لفظ عند البخاري([269]) ، قالت : ذبحنا على عهد رسول الله ﷺ فرسا ونحن بالمدينة فأكلناه .

وجه الدلالة : أن ذبحهم للفرس على عهد رسول الله ﷺ وأكلهم له دليل على حله ، ويستفاد من قولها « ونحن بالمدينة » : أن ذلك بعد فرض الجهاد ، فيرد على من استند إلى منع أكلها بعلة أنها من آلات الجهاد([270]) . أو أن ذلك كان في ابتداء الإسلام ([271]).

واعترض عليه : بأنه يحتمل أن النبي ﷺ لم يطلع على الفرس المأكول .

وأجيب : بأن هذا لا يظن بآل أبي بكر أنهم يقدمون على فعل شيء في زمن النبي ﷺ إلا وعندهم العلم بجوازه لشدة اختلاطهم بالنبي ﷺ وعدم مفارقتهم له ([272]). ومن ثمة كان الراجح أن الصحابي إذا قال : كنا نفعل كذا على عهد النبي ﷺ أن له حكم الرفع ؛ لأن الظاهر اطلاع النبي ﷺ على ذلك وتقريره ([273]).

واستدل القائلون بنجاسة لبن الفرس وتحريم أكل لحمه وشرب لبنه بما يلي :

1- قوله تعالى : ﴿ والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ﴾([274]).

وجه الدلالة من وجهين :

الأول : أن اللام في قوله ﴿ لتركبوها ﴾ للتعليل ؛ فدل على أنها لم تخلق لغير ذلك ؛ لأن العلة المنصوصة تفيد الحصر فإباحة أكلها تقتضي خلاف ظاهر الآية . وإذا ثبت أنه محرم الأكل فلحمه نجس . وحكم اللبن تبع للحم في الطهارة بعد التذكية.

الثاني : عطف البغال والحمير على الخيل ؛ فدل على اشتراكها معها في الحكم ، فيحتاج من أفرد حكمها عن حكم ما عطفت عليه إلى دليل([275]) .

أجيب على سبيل الإجمال : بأن آية النحل مكية اتفاقا . والإذن في أكل الخيل الذي يدل عليه حديث جابر المتقدم في أدلة الجمهور كان بعد الهجرة من مكة بأكثر من ست سنين ، فلو فهم النبي ﷺ من الآية المنع ؛ لما أذن في الأكل .

وأيضا فآية النحل ليست نصا في منع الأكل ونجاستها ، والحديث صريح في جواز أكلها وشرب لبنها ، فإذا ثبت جواز ذلك ؛ ثبت طهارتها ([276]).

والجواب على سبيل التفصيل فهو كما يلي :

أما الوجه الأول : فلو سلمنا أن اللام للتعليل ؛ لم نسلم إفادة الحصر في الركوب والزينة ، فإنه ينتفع بالخيل في غيرهما وفي غير الأكل اتفاقا ، وإنما ذكر الركوب والزينة لكونهما أغلب ما تطلب له الخيل ونظيره حديث البقرة المذكور في الصحيحين([277]) حين خاطبت راكبها ، فقالت : « إنا لم نخلق لهذا وإنما خلقنا للحرث » فإنه مع كونه أصرح في الحصر لم يقصد به الأغلب ، وإلا فهي تؤكل وينتفع بها في أشياء غير الحرث اتفاقا .

وأيضا فلو سلم الاستدلال للزم منع حمل الأثقال على الخيل والبغال والحمير ولا قائل به.

وأما الوجه الثاني : فدلالة العطف ، إنما هي دلالة اقتران ، وهي ضعيفة ([278]).

2- ما روى خالد بن الوليد ، قال : غزوت مع رسول الله ﷺ خيبر فأتت اليهود فشكوا أن الناس قد أسرعوا إلى حظائرهم ، فقال رسول الله ﷺ : « ألا لا تحل أموال المعاهدين إلا بحقها وحرام عليكم حمر الأهلية وخيلها وبغالها وكل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير »([279]). ففيه نص على تحريم الخيل مع حرم ، فإذا حرم أكلها ؛ نجس لحومها وألبانها .

ونوقش هذا : بأن الحديث شاذ منكر ؛ لأن في سياقه أنه شهد خيبر ، وهو خطأ ، فإنه لم يسلم إلا بعدها . وأعل أيضا بأن في السند راويا مجهولا ، لكن قد أخرج الطبري عن طريق يحيى بن أبي كثير عن رجل من أهل حمص قال : كنا مع خال فذكر : أن رسول الله ﷺ حرم لحوم الحمر الأهلية وخيلها وبغالها ، وأعل بتدليس يحيى وإبهام الرجل ... ثم قال : والحق أن حديث خالد ، ولو سلم أنه ثابت لا ينهض معارضا لحديث جابر الدال على الجواز ، وقد وافقه حديث أسماء ، وقد ضعف حديث خالد الإمام أحمد والبخاري وموسى بن هارون والدارقطني والخطابي وابن عبد الحق وآخرون ([280]).

وقال النووي : " اتفق العلماء من أئمة الحديث وغيرهم على أنه – أي حديث خالد المذكور – حديث ضعيف ، وقال بعضهم : هو منسوخ "([281]).

3- ما روى جابر ، قال : نهى رسول الله عن لحوم الحمر الأهلية والخيل والبغال وكل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير وحرم المُجثّمة([282]).([283])

ونوقش هذا : بأن الحديث ضعيف ؛ لأن فيه عكرمة بن عمار ويحيى بن أبي كثير . قال الحافظ في الفتح : قال الطحاوي : وأهل الحديث يضعفون عكرمة بن عمار ، ثم قال : قلت : لاسيما في يحيى بن أبي كثير ... وقال يحيى بن سعيد القطان : أحاديثه عن يحيى بن أبي كثير ضعيفة ([284]).

4- أن نتاج الخيل غير مأكول ، وهو البغل ، لأن البغل نتاج الفرس ، والولد جزء من الأم ، وحكمه حكمها في الحل والحرمة والنجس ([285]).

ونوقش هذا : بعدم التسليم ؛ لأن البغل لا يؤكل بسبب تولده من الحمير ، لا بسبب تولده من الخيل .

5- أنها لو كانت حلالا ؛ جازت التضحية بها([286]) .

ونوقش هذا : بأن ما قالوه منتقض بحيوان البر ، فإنه مأكول ، ولم تشرع الأضحية به . ولعل السبب في كون الخيل لا تشرع الأضحية بها استبقاؤها ؛ لأنه لو شرع فيها جميع ما جاز في غيرها لفاتت المنفعة بها في أهم الأشياء منها ، وهو الجهاد([287]).

الراجح : في هذه المسألة والله أعلم هو القول بأن لبن الفرس طاهر حلال ؛ لما يلي :  

ما تقتضيه هذه الأدلة الصحيحة ، ولضعف الأدلة الدالة على نجاسة لبن الفرس ، وعدم جواز أكل لحمها وشرب لبنها : كما تقدم مناقشتها . ولأن سؤرها طاهر على الإطلاق ، وبوله بمنزلة بول ما يؤكل لحمه . ولأنه ليس في شربه تقليل آلة الجهاد ([288]).

المطلب الثاني : لبن الحمر الأهلية .

اختلف الفقهاء في طهارة ألبان الحمر الأهلية بناء على اختلافهم في تحريم أكل لحومها وشرب ألبانها ، وهو على ثلاثة أقوال :

القول الأول : أنها نجسة محرمة. وبه قال الحنفية([289]) والمالكية([290]) والشافعية([291]) والحنابلة([292]).

القول الثاني : أنها طاهرة وحلال . وبه قال عطاء وطاوس والزهري ، وهو قول بشر المريسي ، وقد روي ذلك عن ابن عباس وعائشة ([293]).

استدل القائلون بنجاسة لبن الحمر الأهلية وتحريم أكل لحمها بما يلي :

1- ما روي عن علي t : أن رسول الله ﷺ نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن لحوم الحمر الإنسية([294]).

2- وعن ابن عمر ، قال : نهى رسول الله ﷺ عن أكل لحوم الحمر الأهلية([295]).

3- وعن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما - قال : نهى النبي ﷺ يوم خيبر عن لحوم الحمر ، ورخص في لحوم الخيل ([296]).

4- وعن أنس : أن رسول الله ﷺ جاءه جاء ، فقال : أكلت الحمر . ثم جاءه جاء ، فقال : أكلت الحمر . ثم جاءه جاء ، فقال : أفنيت الحمر . فأمر مناديا في الناس : أن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية ، فإنها رجس ، فاكفئت القدور وإنها لتفور باللحم ([297]).

وفي رواية عنه : « أن الله ورسوله ينهيانكم عن الحمر الأهلية ، فإنها رجس من عمل الشيطان »([298]).

وجه الدلالة من هذه الأحاديث : أن فيها النهي الصريح عن لحوم الحمر الأهلية ، والنهي يقتضي التحريم .  وفيها أيضا التصريح بأنها رجس . والرجس النجس .

والأحاديث في هذا كثيرة متواترة عن رسول الله ﷺ ، وقد ذكر ابن القيم في تهذيب السنن([299]) رواة هذا الحديث أكثر من ثماني عشرة صحابيا .

واستدل القائلون بطهارة ألبان الحمر الأهلية ، وإباحة أكل لحومها وشرب ألبانها بما يلي :

1- قوله تعالى : ﴿ قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير ، فإنه رجس أو فسقا أُهِلّ لغير الله به ﴾([300]).

وجه الدلالة : أنه تعالى لم يذكر الحمر الإنسية مع هذه المحرمات ، فتكون حلالا ، لقوله ﷺ : « وما سكت عنه فهو مما عفا عنه »([301]). فإذا كان أكلها حلالا ، فتكون ألبانها  ليست بنجس .

ونوقش هذا : بأن هذه الآية مكية ، وخبر التحريم متأخر جدا ، فهو مقدم . وأيضا فنص الآية خبر عن الحكم الموجود عند نزولها ، فإنه حينئذ لم يكن نزل في تحريم المأكول إلا ما ذكر فيها ، وليس فيها ما يمنع أن ينزل بعد ذلك غير ما فيها . وقد نزل بعدها في المدينة أحكام بتحريم أشياء غير ما ذكر فيها كالخمر في آية المائدة ، وفيها أيضا تحريم ما أهل لغير الله به والمنخنقة ... ، وكتحريم السباع والحشرات ([302]).

وعن بعضهم : أن آية الأنعام خاصة ببهيمة الأنعام ؛ لأنه تقدم قبلها حكاية عن الجاهلية : أنهم كانوا يحرموان أشياء من الأزواج الثمانية بآرائهم فنزلت الآية ([303]).

2- ما روى أبو داود عن عبيد أبي الحسن عن عبد الرحمن عن غالب بن أبجر قال : أصابتنا سنة فلم يكن في مالي شيء أطعم أهلي إلا شيء من حمر ، وقد كان النبي ﷺ حرم لحوم الحمر الأهلية ، فأتيت النبي ﷺ فقلت : يا رسول الله ، أصابتنا السنة ، ولم يكن في مالي ما أطعم أهلي إلا سمان ، وأنك حرمت لحوم الحمر الأهلية ، فقال : « أطعم أهلك من سمين حمرك ، فإنما حرمتها من أجل جوال القرية ، يعني الجلالة » ([304]).

وجه الدلالة : أن قوله ﷺ : « أطعم أهلك من سمين حمرك » دليل على إباحة الحمر الأهلية([305]). وكذا دليل على طهارة لبنها ؛ لأن طهارة السمين تقتضي طهارة اللبن .

ونوقش هذا : بأن الحديث ضعيف ، ومتنه شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة . وقد ضعف الحديث البيهقي والخطابي والنووي والحافظ ابن حجر وغيرهم ([306]).

الراجح في هذه المسألة – والله أعلم – القول بتحريم أكل لحوم الحمر الأهلية وشرب ألبانها ، ونجاسة ألبانها . وذلك لصحة الأدلة وتواترها عن رسول الله وضعف دليل المخالف . وقد صرح رسول الله ﷺ بأن لحومها رجس وهو صريح في تحريم أكلها ونجاسة لحمها. ونجاسة اللحم تقتضي نجاسة لبنها .

المطلب الثالث : لبن الجلالة .

الجلالة في اللغة هي البقرة التي تتبع النجاسات([307]).

وعند الفقهاء هي التي تأكل العذرة والنجاسات ، سواء كانت من الإبل أو البقر أو الغنم أو الدجاج .

والمعتبر في الجلالة عند الحنفية : إذا تفتتت وتغيرت ووجد منها ريح منتنة من الناقة الجلالة والشاة والبقر الجلال . وهذا إذا كانت لا تخلط ولا تأكل إلا العذرة غالبا ، فإن خلطت فليست جلالة لأنها لا تنتن ([308]).

والصحيح عند الشافعية : أنه لا اعتبار بالكثرة ، بل بالرائحة والنتن . فإن وجد في عرقها وغيره ريح النجاسة ، فجلالة ، وإلا فلا ([309]). وقيل : الخلاف فيما إذا وجدت رائحة النجاسة بتمامها ، أو قربت الرائحة من الرائحة ، فإن قلت الرائحة الموجودة لم تضر .

وعند الحنابلة : إن كان أكثر علفها النجاسة ، فهي جلالة . وإن كان الطاهر أكثر ، فلا ([310]).

حكم لبن الجلالة .

اختلف الفقهاء في حكم الجلالة على ما يأتي :

1- عند المالكية لا خلاف في المذهب أن لحمها حلال . قال في مواهب الجليل نقلا عن صاحب التوضيح :

اختلف في الحيوان يصيب النجاسة ، هل تنقله عن حكمه قبل أن يصيبها ؟

فقيل : هو على حكمه في الأصل في آسارها وأعراقها ولحومها وألبانها وأبوالها .

وقيل : تنقله ، وجميع ذلك نجس ...

وقال : واتفق العلماء على أكل ذوات الحواصل من الجلالة ، واختلفوا في ذوات الكرش ؟ فكره جماعة أكل الجلالة منها وشرب ألبانها ...

وقال : ولا خلاف في المذهب في أن أكل لحم الماشية والطير الذي يتغدى بالنجاسة حلال ، وإنما اختلفوا في الألبان والأبوال والأعراق ...([311]).

ويروى عن مالك : أن شرب لبنها مكروه كراهة تنزيه ([312]). ويروى عنه أيضا أنه رخص في لحومها وألبانها ([313]). كما رخص فيها أيضا الحسن البصري([314]) .

واستدلوا على إباحة الجلالة وطهارتها : بأن الحيوانات لا تنجس بأكل النجاسات بدليل أن شارب الخمر لا يحكم بتنجيس أعضائه . والكافر الذي يأكل الخنزير والمحرمات ، لا يكون ظاهره نجسا ، ولو نجس لما طهر بالإسلام ، ولا الاغتسال ، ولو تنجست الجلالة لما طهرت بالحبس([315]).

وقد نوقش هذا الاستدلال من وجهين :

أ- أنه مخالف للأحاديث الواردة في النهي عن الجلالة .

ب- أن شارب الخمر ليس ذلك أكثر غدائه ، وإنما يتغدى الطاهرات ، وكذلك الكافر في الغالب . وأما الحبس فهو لإزالة النجاسة فيه التي هي سبب التحريم ([316]).

2- وعند الحنفية : أن الجلالة التي تعتاد أكل الجيف ولا تخلتط ، فيتعين لحمها ، ويكون لحمها منتنا ؛ فنجس لحمها ولبنها وحرم أكلها ؛ لأنه من الخبائث . وأما ما يخلط فيتناول الجيف وغير جيف على وجه يظهر أثر ذلك من لحمه فلا بأس بأكله وهو طاهر([317]) .

استدلوا على ذلك بما يلي :

أ- لأنه لم يتغير لحمه ، وما غذي به صار مستهلكا ، ولم يبق له أثر .

ب- لأن عمر t كان يكره أكل الدجاج ؛ لأنه يتناول الجيف .

ج- قد صح أن النبي ﷺ كان يأكل من لحم الدجاج ، ولو كان فيه أدنى خبث لامتنع رسول الله من تناوله . والذي روى أنه كان يحبس الدجاج ثلاثة أيام ثم يذبحها ؛ فذلك على سبيل التنزه من غير أن يكون ذلك شرطا في الدجاجة وغيرها مما يخلط . وإنما يشترط ذلك في الجلالة التي لا تأكل إلا الجيف ([318]).

3- وعند الشافعية : إذا تغير لحم الجلالة فهي مكروهة بلا خلاف . وهل هي كراهة تنزيه أو تحريم ؟ فيه وجهان مشهوران عندهم :

أصحهما عند الجمهور : أنه كراهة تنزيه . وبه قطع صاحب المهذب ، وجمهور العراقيين ، وصححه الروياني وغيره من المعتمدين([319]) .

واحتجوا لعدم التحريم بما يلي :

أ- أن ما تأكله الدابة من الطاهرات يتنجس إذا حصل في كرشها ، ولا يكون غذاؤها إلا بالنجاسة ، ولا يؤثر ذلك في إباحة لحمها ولبنها وبيضها .

ب- ولأن النجاسة التي تأكلها تنزل في مجاري الطعام ، ولا تخالط اللحم ، وإنما ينتشي اللحم بها ، وذلك لا يوجب التحريم ([320]).

والثاني : أنه كراهة تحريم . وهو قول أبي إسحاق المروزي والقفال ، ورجحه إمام الحرمين والغزالي والبغوي ([321]).

وقال الصيدلاني وغيره : " إذا حرمنا لحمها فهو نجس ". وكما يمنع من أكل لحمها يمنع من لبنها وبيضها([322]). وقال الرافعي : " وهو نجس إن ظهرت الرائحة فيه ، وكذا إن لم تظهر على أصح الوجهين كاللحم "([323]).

4- وعند الحنابلة روايتان : الأولى : أنها محرمة ، وهو المذهب ، وعليه الأصحاب ، وهو من مفردات المذهب. والرواية الثانية : أنها مكروهة([324]).

وعن أحمد روايتان في نجاسة الجلالة :

الأظهر عنه : نجاستها ؛ لأن النبي ﷺ نهى عن الجلالة في الإبل أن يركب عليها أو يشرب من ألبانها([325])، ولأنها تنجست بالنجاسة ، والريق لا يطهر.

والثانية : أنها طاهرة ؛ لأن الهر والضبع يأكلان النجاسة ، وهما طاهران([326]).

وذهب ابن حزم في المحلى إلى تحريم الجلالة ، لكنه خص الجلالة بذات الأربع([327]).

الراجح : هو نجاسة لبن الجلالة وتحريم أكلها وشرب لبنها ، وذلك لما يلي :

1- ما تقدم في حديث ابن عمر : أن النبي ﷺ نهى عن ركوب الجلالة وشرب لبنها .

2- وما روى ابن عباس t : أن النبي ﷺ نهى عن لبن الجلالة ([328]).

3- وما روى عبد الله عمرو بن العاص ، قال : نهى رسول الله ﷺ عن الإبل الجلالة أن يؤكل لحمها ، ولا يشرب لبنها ، ولا يحمل عليها إلا الأُدُم ، ولا يذكيها الناس حتى تعلف أربعين ليلة ([329]).

4- لأن لحمها يتولد من النجاسة ، فيكون نجسا ، كرماد النجاسة ([330]).

حكم الحيوانات المرباة بلبن الكلبة :

فعند الشافعية : إذا ارتضعت السخلة من لبن كلبة فحكمها حكم الجلالة المعتبرة : وفيها وجهان : أصحهما – يحل أكلها وشرب لبنها . والثاني – لا يحل ([331]).

وعند الحنابلة : إذا ارتضع خروف من كلبة ، ثم شرب لبنا طاهرا فهي جلالة يحرم أكل لحمها وشرب لبنها . وفي وراية عن أحمد : تكره ولا تحرم .([332])

وعند الحنفية : إذا ارتضع جدي بلبن خنزير حتى كبرانه ؛ لا يكره أكله وشرب لبنه ؛ لأنه لحمه لا يتغير ولا ينتن . فهذا يدل على أن الكراهة في الجلالة عندهم لمكان التغير والنتن لا لتناول النجاسة . ولهذا عندهم إذا خلطت لا يكره وإن وجد تناول النجاسة ؛ لأنها لا تنتن فدل أن العبرة للنتن لا لتناول النجاسة ([333]).

وكذا عند الحنفية : لو سقى شاة خمرا ثم ذبحت ساعتئذ فلا بأس بلحمها . وكذلك لو حلب منها اللبن فلا بأس بشربه ؛ لأن الخمر صارت مستهلكة بالوصول إلى جوفها ولم تؤثر في لحمها ولا في لبنها ، وهي على صفة الخمرية بحالها ([334]).

المطلب الرابع : لبن الميتة .

وأما لبن الميتة ففيه أقوال للعلماء :

أحدها : أن ذلك طاهر ، وبه قال أبو حنيفة وغيره([335])، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد([336])، ونصره شيخ الإسلام ابن تيمية ([337]).

والثاني : أنه نجس ، وبه قال المالكية والشافعية والحنابلة في ظاهر المذهب([338]).

وعند أبي يوسف ومحمد : إن كانت مائعة فهي نجسة بنجاسة الوعاء وإن كانت جامدة فلا بأس بالانتفاع بها بعد الغسل ([339]).

استدل القائلون بأن لبن الميتة طاهر بما يأتي :

1- قوله تعالى : ﴿ وإن لكم في الإنعام لعبرة ، نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين ﴾ ([340]) ،

وجه الاستدلال بهذه الآية من وجوه :

أحدها : أن الله تعالى وصف اللبن مطلقا بالخلوص والسيوغ مع خروجه من بين فرث ودم ، وهذا آية الطهارة ، فيقتضي أن لا يشوبه شيء من النجاسة ، والحرام لا يسوغ للمسلم([341]).

وقد نوقش : بأن الوصف اللبن بكونه خالصا يراد به لبن المأكول حال الحياة لا حال الموت ؛ لأن الحيوان بالموت يتعفن ويفسد كل ما في جسمه .

وأما وصفه بكونه سائغا للشاربين فالمراد بذلك وقت حياة الحيوان أيضا لا بعد موته .

والثاني : أن الآية خرجت مخرج الامتنان ، والمنة في موضع النعمة تدل على الطهارة ([342]).

وقد نوقش : بأن هذا صحيح ، وعليه تكون الآية في لبن الحيوان المأكول ؛ لأنه حلال ، والمنة لا تكون إلا الحلال لا بالحرام .

2- أن الصحابة – رضي الله عنهم – أكلوا الجبن لما دخلوا أرض فارس ، وهو يصنع بالإنفحة ، وهي تؤخذ من صغار المعز فهو بمنزلة اللبن ، وذبائحهم تعتبر بحكم الميتة ([343]) .

ونوقش هذا الاستدلال : بأن مجوس المدائن قد قيل : إنهم ما كانوا يتولون الذبح بأنفسهم وكان جزاروهم اليهود والنصارى ، ولو لم ينقل ذلك عنهم لكان الاحتمال موجودا ، فقد كان فيهم اليهود والنصارى والأصل الحل فلا يزول بالشك .

3- أن الذكاة إنما تشترط فيما فيه الحياة ، ولا حياة في اللبن ، فإذا ماتت الشاة وفي ضرعها لبن ، فلا يتنجس اللبن بموتها . لو كان اللبن يتنجس بالموت لتنجس بالحلب أيضا ؛ فإن ما أبين من الحي ميت ، فإذا جاز أن يحلب اللبن فيشرب عرفنا أنه لا حياة فيه فلا يتنجس بالموت ، ولا بنجاسة وعائه ؛ لأنه في معدنه ، ولا يعطى الشيء في معدنه حكم النجاسة ([344]).

4- أن اللبن يلاقي نجاسة باطنية فكان طاهرا كاللبن من شاة حية فإنه يخرج من بين فرث ودم ، قالوا : ولأن نجاسة الباطن لا حكم لها بدليل أن المني طاهر ويخرج من مخرج البول ([345]).

ونوقش هذا الاستدلال : بأن قولهم : إن اللبن يلاقي الفرث والدم غير مسلم ؛ لأن الفرث في الكرش ، والدم في العروق واللبن بينه ، وبينهما حجاب رقيق .

وأما قولهم : نجاسة الباطن لا حكم لها فغير مسلم بل لها حكم إذا انفصل ما لاصقها ، ولهذا لو ابتلع جوزة وتقيأها صارت نجسة الظاهر .

وأما المني فقال ابن الصباغ من الشافعية : إن سلمنا أن مخرجه مخرج البول فالفرق أنه عفي عنه لعموم البلوى به ، وتعذر الاحتراج عنه بخلاف اللبن في الشاة الميتة .([346])

واستدل القائلون بأن لبن الميتة نجس بما يأتي :

1- قوله تعال : ﴿ حرمت عليكم الميتة ﴾ ([347]) . فدلت الآية أن تحريم الميتة تحريم لجميع أجزائها ، ومنها اللبن .

ونوقش هذا الاستدلال : بأن الآية عامة وخصصتها السنة التي دلت على طهارته لا على نجاسته ، وهو :

أ- ما رواه ابن عمر : أن النبي ﷺ أتي بجبنة في تبوك ، فدعا بسكين ، فسمى وقطع([348]).

ب- ولأن سلمان الفارسي كان هو نائب عمر بن الخطاب على المدائن ، وكان يدعو الفرس إلى الإسلام ، وقد ثبت عنه : أنه سئل عن شيء من السمن والجبن والفراء ؟ فقال : الحرام ما أحل الله في كتابه ، والحرام ما حرم الله في كتابه ، وما سكت عنه فهو مما عفي عنه .([349])

2- أن لبن الميتة نجس ؛ لأنه مائع في وعاء نجس فتنجس به أشبه ما لو حلب في إناء نجس([350]).

ونوقش هذا الاستدلال بأن المائع يتنجس بملاقاة النجاسة غير مسلم فإن السنة دلت على طهارته لا على نجاسته ([351]) .

واستدل القائلون بأنه : إن كانت مائعة فهي نجسة بنجاسة الوعاء وإن كانت جامدة فلا بأس بالانتفاع بها بعد الغسل بما يلي :

لأن بنجاسة الوعاء لا يتنجس باطنها وما على ظاهرها يزول بالغسل . وعلى هذا لو ماتت دجاجة فوجد في بطنها بيضة فلا بأس بأكل البيضة إن كانت صلبة ، ولا يجوز الانتفاع بها إن كانت لينة([352]).

الراجح :

إن لبن الميتة مأكلولة اللحم حال الحياة نجس يحرم تناوله لنجاستة وعائه فهو كاللبن في إناء نجس . ولأن اللبن لو أصاب الميتة بعد فصله عنها لكان نجسا فكذلك قبل فصله .

المطلب الخامس : الجبن والإنفحة .

الجبن : هو ما ينعقد من اللبن بالإنفحة أو بأية مادة أخرى تقوم مقامها ، والواحدة جبنة ، والجمع أجبان ([353]).

وهو غداء جيد ومن أفضل الأغدية التي من أصل حيواني ، خصوصا ما صنع من اللبن الكامل الذي لم ينزع منه شيء من قشدته .

وهو على أنواع كثيرة جدا لكل منها طعمه الخاص ، وتتفاوت هذه الأنواع في قيمتها الغدائية بسبب ما يحويه كل نوع من الماء وبالنسبة إلى جودة اللبن الذي يصنع منه([354]).

الإنفحة : هي مادة خاصة بيضاء صفراوية في وعاء جلدي يستخرج من الجزء الباطني من معدة الرضيع من العجول أو الجداء أو نحوهما ، بها خميرة تُجبِّن اللبن ، فيوضع منها قليل في اللبن الحليب فينعقد ويتكاثف ويصير جبنا يسميها الناس في بعض البلدان مجبنة . وجلدة الإنفحة : هي التي تسمى كرشا إذا رعى الحيوان العشب ([355]).

حكم طهارة الإنفحة المأخوذة من حيوان مذكى ذكاة شرعية :

الإنفحة إذا أخذت من حيوان مذكى ذكاة شرعية فهي طاهرة مأكولة عند الحنفية([356]) والمالكية([357]) والشافعية([358]) والحنابلة([359])، إلا أن الشافعية قالوا : إذا كان الحيوان قد رعى العشب فإنفحته تكون نجسة ، وحينئذ تكون جلدتها متنجسة تطهر بالغسل ، ومع قولهم بنجاستها يقولون : إنها معفو عنها في صناعة الجبن ، فلا ينجس بها لعموم البلوى بها ولمشقة الاحتراز عنها ؛ إذ من القواعد : أن المشقة تجلب التيسير ، وأن الأمر إذا ضاق اتسع ، وقد قال تعالى : ﴿ وما جعل عليكم في الدين من حرج ﴾ وقد صرح الأئمة بالعفو عن النجاسة في مسائل كثيرة المشقة فيها أخف من هذه المشقة ([360]).

حكم طهارة الإنفحة إذا أخذت من حيوان ميت :

اختلف العلماء في حكم الإنفحة المأخوذة من ميتة أو من حيوان لم يذك ذكاة شرعية على ثلاثة أقوال :

القول الأول : إنها طاهرة مأكولة سواء كانت صلبة أو مائعة وتستعمل في الأدوية ، وهو قول أبي حنيفة([361]) ورواية عن الإمام أحمد([362]).

القول الثاني : إن كانت مائعة فهي نجسة غير مأكولة لنجاسة وعائها ، وإن كانت صلبة فهي طاهرة بعد غسل ظاهرها ، وهو قول أبي يوسف ومحمد الشيباني([363]).

القول الثالث : إنها نجسة غير مأكولة ، وهو قول جمهور الفقهاء من المالكية([364]) والشافعية([365]) والحنابلة في ظاهر الرواية([366]).

استدل أبو حنيفة على طهارة الإنفحة بما يلي :

1- بأن الصحابة – رضي الله عنهم – أكلوا الجبن لما دخلوا المدائن ، وهو يعمل بالإنفحة وذبائهم ميتة لأنهم مجوس([367]).

كما تقدم أن هذا الاستدلال قد نوقش بأن المجوس قد قيل إنهم ما كانوا يذبحون بأنفسهم وكان جزاروهم من اليهود والنصارى ، ولو لم ينقل ذلك عنهم كان الاحتمال كافيا فإنه قد كان فيهم اليهود والنصارى ، والأصل الحل ، فلا يزول بالشك ([368]). هذا مع أن الذي نقل عن كثير من الصحابة أنهم أمروا بأكل الجبن إذا صنعه المسلمون وأهل الكتاب فقط دون ما صنعه المجوس وأهل الشرك نقل ذلك عن عمر وابنه عبد الله وابن عباس وابن مسعود وأنس – رضي الله عنهم - ([369]).

2- أن الإنفحة تنفصل من الشاة بصفة واحدة حية كانت الشاة أو ميتة ذبحت أو لم تذبح ، فلا يكون لموت الشاة تأثير في الأنفحة ([370]).

واستدل أبو يوسف ومحمد على نجاسة الإنفحة المائعة دون الصلبة :

بأن المائعة تقبل النجاسة بمخالطتها لها ، أما الصلبة فلا تقبلها ، ولو قبلتها فيمكن غسلها بخلاف المائعة .

ونوقش هذا الاستدلال : بأن الميتة نجسة وما خرج منها نجس كذلك ولا يمكن غسله لإزالة نجاسته لأن نجاسته متأصلة فيه لذلك اختلف في طهارة جلد الميتة بعد دبغه ، والغسل للإنفحة لا يقوم مقام الدبغ في إزالة النجاسة ، بل أقل بكثير .([371])

واستدل الجمهور على نجاسة الإنفحة إذا أخذت من ميتة بما يلي :

1- قوله تعالى : ﴿ حرمت عليكم الميتة ﴾ ([372]). وجه الاستدلال أن الله تعالى حرم الميتة وهذا عام يشمل كل ما في الميتة ولا يمكن أن يخرج منه شيء إلا بدليل ولا دليل على ذلك ([373]).

2- ولأن الإنفحة تنجست بالموت فلا يمكن إزالة النجاسة عنها أشبهت ما لو أصابت الميتة بعد انفصالها ([374]) .

3- ما رواه البيهقي في السنن الكبرى([375]) عن علي البارقي أنه سأل ابن عمر عن حكم الجبن ، فقال : " كل ما صنع المسلمون وأهل الكتاب " ، قال : وهذا لأن السخال تذبح فتؤخذ منها الإنفحة التي بها يصلح الجبن ، فإذا كانت من ذبائح المجوس وأهل الأوثان لم يحل ، وهكذا إذا ماتت السخلة فأخذت منها الإنفحة لم تحل ([376]) .

والراحج :

إن الإنفحة المأخوذة من حيوان ميت فهي نجسة محرمة لا تؤكل لعموم الآيات المحرمة للميتة ، ولأن الإنفحة تتنجس بنجاسة الميتة .

قال النووي : أجمعت الأمة على جواز أكل الجبن ما لم يخالطه نجاسة ، بأن يوضع فيه إنفحة ذبحها من لا تحل ذكاته ، فهذا الذي ذكرناه من دلالة الإجماع ، هو المعتمد في إباحته ([377]).

حكم أكل الجبن :

الجبن إما أن يصنع من لبن حيوان مأكول اللحم وإما أن يصنع من لبن حيوان غير مأكول اللحم .

فأما ما صنع من لبن حيوان غير مأكول فهو حرام لا يجوز أكله إجماعا ؛ لأن اللبن إذا كان محرما فما صنع منه محرم كذلك .

وأما ما صنع من لبن حيوان مأكول اللحم فله ثلاث حالات :

الحالة الأولى : ألا يخالطه ويعمل من إنفحة مذكاة شرعية ، وهذا يؤكل . وقد جمع البيهقي فيه أحاديث كثيرة ، منها :

1- حديث ابن عمر – رضي الله عنهما - : أن النبي ﷺ أتي بجبنة في تبوك فدعا بسكين فسمى وقطع ([378]).

2- وعن ابن عباس – رضي الله عنهما - : أن رسول الله ﷺ لما فتح مكة رأى جبنة فقال : ما هذا ؟ فقالوا : هذا طعام يصنع بأرض العجم قال : فقال رسول الله ﷺ : « ضعوا فيه السكين واذكروا اسم الله وكلوا ! »([379]).

3- وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : " إن الجبن من اللبن واللبا فكلوا واذكروا اسم الله عليه ، ولا يغرنكم أعداء الله "([380]).

4- وعن علي – رضي الله عنه – قال : " إذا أردت أن تأكل الجبن فضع الشفرة فيه ، واذكروا اسم الله وكل "([381]).

5- روى البيهقي نحوه عن عائشة وأم سلمة . قال : وروي عن سلمان الفارسي . ([382])

6- وعن عمر رضي الله عنه قال : كلوا الجبن مما صنعه أهل الكتاب . وفي رواية : ولا تأكلوا من الجبن إلا ما صنعه أهل الكتاب "([383]).

7- وعن ابن مسعود رضي الله عنه ، قالوا : كلوا الجبن ما صنع المسلمون وأهل الكتاب([384]).

قال البيهقي : " وهذا التقييد ؛ لأن الجبن يعمل بأنفحة السخلة المذبوحة ، فإذا كانت من ذبائح المجوس لم تحل . وعن ابن عمر أنه سئل عن السمن والجبن فقال : « سم وكل » ، فقيل له : إن فيه ميتة ، فقال : « إن علمت أن فيه ميتة فلا تأكله »".

قال البيهقي : " وقد كان بعض العلماء يسأل عنه تغليبا للطهارة ، وروينا ذلك عن ابن عباس وابن عمر وغيرهما ، وكان بعضهم يسأل عنه احتياطا . ورويناه عن أبي مسعود الأنصاري قال : « لأن أخر من هذا القصر أحب إلي من أن آكل جبنا لا أسال عنه ». وعن الحسن البصري قال : « كان أصحاب النبي ﷺ يسألون عن الجبن ولا يسألون عن السمن » . وعن أبان بن أبي عياش عن أنس بن مالك قال : « كنا نأكل الجبن على عهد رسول الله ﷺ وبعد ذلك لا نسأل عنه »([385])"([386]).

قال النووي : " أجمعت الأمة على جواز أكل الجبن ما لم يخالطه نجاسة – بأن يوضع فيه أنفحة ذبحها من لا يحل ذكاته – فهذا الذي ذكرناه من دلالة الإجماع هو المعتمد في إباحته "([387]).

الحالة الثانية : أن يعمل من إنفحة ميتة. وهذا يجري فيه الخلاف الذي تقدم. فعند أبي حنيفة يباح ، وعند صاحبيه التفصيل بين الإنفحة المائعة والصلبة ، فإن كانت مائعة لا يباح ، وإن كانت صلبة يمكن غسله يباح . وعند الجمهور : لا يؤكل وهو الراجح .

الحالة الثالثة : أن يعمل من إنفحة نجس العين كالخنزير وهذا لا يؤكل ([388]).

المبحث الثالث : بيع لبن الحيوان .

قال النووي : قال أصحابنا : ولو باع لبنا مخلوطا بالماء لم يصح بلا خلاف ؛ لأن المقصود الذي هو اللبن غير متميز ولا معلوم ([389]).

وقال النووي : قال المتولي : لبن الأضحية المعينة يتصدق به على الفقراء في الحال ، ويجوز لهم بيعه . قال : وكذا لبن صيد الحرم إذا أبحنا للفقراء شربه ، ويجوز لهم بيعه ؛ لأنه طاهر منتفع به ([390]).

وقال النووي : قال الماوردي : وأما الزباد فهو لبن سنور ، يكون في البحر ، قال : ولأصحابنا في جواز بيعه وجهان : إذا قلنا بنجاسة ما لا يؤكل لحمه : أحدهما – نجس ، لا يجوز بيعه . والثاني – طاهر ويجوز بيعه كالمسك ، هذا كلام الماوردي . والصواب طهارته وصحة بيعه ؛ لأن الصحيح حل لحم كل حيوان البحر وحل لبنه ([391]).

وفيه مطلبان :

المطلب الأول : بيع اللبن في الضرع .

قال النووي : " أجمع المسلمون على جواز بيع حيوان في ضرعه لبن ، وإن كان اللبن مجهولا ؛ لأنه تابع للحيوان ، ودليله من السنة حديث المصراة "([392]).

واختلف العلماء في بيع اللبن في الضرع على ما يلي :

قال الحنفية والشافعية والحنابلة وإسحاق وابن عبد البر من المالكية([393]) :  لا يجوز بيع اللبن في الضرع .

ونهى عنه ابن عباس([394]) وأبو هريرة([395]). وكرهه طاوس ومجاهد ([396]).

واستدل الجمهور على عدم جواز بيع اللبن في الضرع بما يلي :

1- ما روى ابن عباس – رضي الله عنهما - : أن رسول الله ﷺ نهى أن يباع صوف على ظهر أو سمن في لبن أو لبن في ضرع([397]).

2- ولأنه مجهول الصفة والمقدار لتفاوت حسن الضروع ، فأشبه الحمل .

3- ولأن اللبن لا يجتمع في الضرع دفعة واحدة ، بل شيئا فشيئا فيختلط المبيع بغيره على وجه يتعذر التمييز بينهما ، فكان المبيع معجوز التسليم عند البيع فلا ينعقد .

4- ولأنه إن كان أياما فهو بيع عين لم تخلق ، فلم يجز كبيع ما تحمل الناقة ، والعادة في ذلك تختلف([398]).

5- ولأنه لا يتميز الطاوي من اللبن بعد العقد([399]).

ونقل النووي عن طاوس : يجوز بيعه كيلا . وعن سعيد بن جبير : يجوز بيعه . وأجازه أيضا الإمام مالك ([400]).

واستدلوا بما يلي :

1- القياس على لبن الظئر .

ونوقش هذا الاستدلال : بأن لبن الظئر فإنما جاز للحضانة ؛ لأنه موضع حاجة([401]).

2- لأنه عنده من المعلوم في الأغلب حلاب غنم بأعيانها قد عرف ذلك منها ، وإن اختلفت في الأيام ، فذلك يسير ، والغرر باليسير معفوّ عنه عند الجميع ([402]).

ونقل النووي عن الحسن البصري : يجوز شراء لبن الشاة شهرا ، ومثله عن مالك ومحمد بن مسلمة المالكي ([403]).

واستدلوا بما يلي :

1- لأنه معلوم القدر والصفة في العادة .

ونوقش هذا : بأنه غير مسلم ، بل هو مجهول الصفة لأنه قد يكون اللبن صافيا ، وقد يكون كدرا ، وذلك غرر من غير حاجة فلم يجز ([404]).

2- القياس على ما إذا استأجر امرأة للإرضاع شهرا فإنه يصح ويستحق اللبن([405]).

ونوقش هذا الاستدلال : بأن فيه فرق بينه وبين استئجار المرأة للإرضاع أن الحاجة تدعو إلى استئجارها بخلاف بيع اللبن في الضرع([406]).

3- لأنه لو باع قدرا من اللبن في الظرف ، فيجيء فيه قولا بيع الغائب . ولو حلب شيئا من اللبن فأراه ثم باعه رطلا في الضرع ، فقد نقلوا فيه وجهين كما في مسألة الأنموذج .([407])

قال إمام الحرمين : وهذا لا ينقدح إذا كان المبيع قدرا لا يتأتى حلبه إلا ويتزايد اللبن فإن المانع قائم ، والحالة هذه فلا ينفع إبداء الأنموذج . نعم ، لو كان المبيع يسيرا وابتدر إلى الحلب فلا يفرض ، والحالة هذه ازدياد شيء به مبالاة فيحتمل التجويز ، لكن إذا صورنا الأمر هكذا ؛ فلا حاجة إلى إبداء الأنموذج في التخريج على الخلاف ، بل صار صائرون إلى إلحاقه ببيع الغائب ، وآخرون ختموا الباب وألحقوا القليل بالكثير([408]).

الراحج :

إن بيع اللبن في الضرع لا يجوز ؛ لأن اللبن في الضرع مجهول ؛ لأن الضرع قد يكون لحيما([409]). وأن ذلك لبن ، وربما مات الحيوان قبل أن يحلب اللبن ، فينجس اللبن([410]). ولأن ذلك اللبن قد يكون صافيا وقد يكون كدرا ، وذلك غرر من غير حاجة فلم يجز .([411])

قال أبو عمر : وقد اتفق العلماء على أن بيع ما في بطون الإناث لا يجوز ؛ لأنه غرر وخطر ، ومجهول([412]).

وقال الغزالي : وإن لم تشترط الرؤية فبيع اللبن في الضرع باطل ؛ لتوقع اختلاطه بغير المبيع وعسر التسليم ([413]).

وقال الرافعي : ولو قال : بعتك من اللبن الذي في ضرع هذه البقرة كذا ؛ لم يجز أيضا على الصحيح ؛ لأن وجود القدر المذكور في الضرع لا يستيقن ([414]).

بيع اللبن بلبن في الضرع :

فعند الجمهور منهم الشافعية والحنفية: لا يجوز بيع شاة في ضرعها لبن بلبن الغنم([415]).

واستدلوا بما يلي :

1- لأن اللبن يدخل في البيع ، ويقابله قسط من الثمن ، والدليل عليه أن النبي ﷺ جعل في مقابلة لبن المصراة صاعا من تمر ([416]).

2- ولأن اللبن في الضرع كاللبن في الإناء ، والدليل عليه قوله ﷺ : « لا يحلبن أحد ماشية امرئ بغير إذنه ، أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته ، فتُكسُر خِزانته ، فينتقل طعامه ؟ فإنما تَخْزُن لهم ضروع مواشيهم أطعماتهم ، فلا يحلُبنّ أحد ماشيةَ أحد إلا بإذنه » ([417])، فجعل اللبن كالمال في الخزانة ، فصار كما لو باع لبنا وشاة بلبن ([418]).

قال أبو عمر في التمهيد([419]) : " ذهب مالك وأصحابه إلى أنه لا بأس بالشاة اللبون باللبن يدا بيد ما لم يكن في ضرعها لبن ، فإذا كان في ضرعها لبن لم يجز يدا بيد باللبن من المزابنة ، ولم يجعله لغوا ؛ لأن الربا لا يجوز قليله وكثيره ، وليس كالغرر الذي يجوز قليله ولا يجوز كثيره ، ولا يجوز عنده بيع الشاة اللبون باللبن إلى أجل ".

ونقل في الاستذكار([420]) عن أبي حنيفة : يجوز بيع الشاة التي في ضرعها لبن بلبن ، وذلك بأن يكون اللبن الذي في ضرع الشاة أقل من اللبن ، فيكون ما زاد علىمقداره ثمنا للشاة.

ونقل النووي عن أبي حنيفة : أنه جوز بيع الشاة ذات اللبن باللبن ([421]).

ونقل أيضا عن مالك : أنه لا بأس بيع الشاة اللبون باللبن يدا بيد ، ولا يجوز نسيئة ، ولا يجوز بيع السمن إلى أجل بشاة لبون ، وإن لم يكن منها لبن جاز ، ويجوز الجيمع يدا بيد ([422]) .

وفي العتبية لابن القاسم عن مالك : أنه لا يجوز اللبن بالشاة أيهما عجل ، وأخذ صاحبه .

وقال سحنون : الذي أعرفه من ابن القاسم ، وقاله لي غيره : أنه إذا قدم اللبن في الشاة اللبون ، فلا بأس به إذا كانت الشاة متعجلا ، واللبن إلى أجل ، وأما إذا كانت الشاة اللبون معجلة ، واللبن إلى طعام ، فهو حرام ، لا يجوز([423]).

وروى يحيى ، عن ابن القاسم أنه قال : لم يحرم مالك الشاة اللبون باللبن إلى أجل من أنه طعام بطعام إلى أجل ، ولكن من أجل المزابنة .

قال أبو عمر : اختلاف أصحاب مالك في هذا الباب من المزابنة ، وشبهها كثير جدا([424]).

وقال الأوزاعي : يجوز شراء شاة بها لبن بأقساط من لبن ؛ لأن ما في الضرع لغو. قاله أيضا الخطابي ، وهو يؤيد خبر المصراة ، ويثبت حكمها في تقويم اللبن([425]) .

والراجح :

لا يجوز بيع الشاة في ضرعها لبن باللبن ؛ لأن اللبن في الضرع يقابله قسط من الثمن ، بدليل أنه إذا اشترى شاة مصراة([426]) ولم يعلم بها ، ثم علم بها ، فردها ؛ وجب عليه بدل اللبن([427]) . بخلاف الآدميات فعند الشاشي الجواز ، وفرق بأن لبن الشاة في الضرع له حكم العين ولهذا امتنع عقد الإجارة عليه ، بخلاف لبن الآدميات فله حكم المنفعة ، ولهذا جاز عقد الإجارة عليه([428])

فعلى هذا : إن باع شاة في ضرعها لبن بلبن بقر أو إبل ، فإن قلنا : إن الألبان جنس واحد ؛ لم يجز ، كما في سيأتي في بيع اللبن باللبن . وإن قلنا : إن الألبان أجناس ؛ جاز البيع ، ويشترط التقابض فيهما قبل التفرق ؛ لأنهما مطعومان([429]).

وإن باع شاة مذبوحة في ضرعها لبن بلبن البقر : فإن كانت غير مسلوخة ؛ لم يصح البيع ؛ لأن بيعها قبل سلخها لا يجوز . وإن كانت قد سُلِخت ، فإن قلنا : إن الألبان جنس ؛ لم يجز . وإن قلنا : إن الألبان أجناس ؛ صح البيع ، ويشترط قبضهما قبل التفرق ([430]).

وإن كان لا لبن في ضرع الشاة المذبوحة ، فباعها بلبن قبل السلخ ؛ لم يجز ؛ للجهل . وإن كان بعد السلخ ؛ صح البيع ؛ لأنهما جنسان ، ويشترط القبض فيهما قبل التفرق ؛ لأنهما مطعومان .

وإن كان في ضرع الشاة لبن ، فحلبها ، ثم باعها بلبن شاة ، قال الشافعي : صح البيع ولا اعتبار باللبن اليسير الذي لا يحلب في العادة ([431]).

بيع اللبن في الضرع بلبن في الضرع

وإن باع شاة في ضرعها لبن بشاة في ضرعها لبن ، فعند الشافعية وجهان :

الأول : لا يصح البيع ، وهو المنصوص وبه قال أكثر الأصحاب ؛ لأن اللبن في الضرع كاللبن في الإناء ، فلم يصح ، كما لو باع حيوانا ولبنا ، بحيوان ولبن .

والثاني : قال أبو الطيب بن سلمة : يصح البيع .

واحتج لذلك بالقياس على صحة بيع السمسم بالسمسم وإن كان في كل واحد منهما شيراج . وبالقياس على صحة بيع دار بدار وإن كان في كل واحدة منهما بئر ماء .

ونوقش هذا : بأن السمسم بالسمسم فالفرق بينهما : أن الشيرج في السمسم كالمعدوم ؛ لأنه لا يؤخذ منه إلا بطحن ومعالجة . واللبن في الضرع يمكن أخذه من غير مشقة شديدة ، فهو كاللبن في الإناء .

وأما الماء في البئر : فإن قلنا : إن الماء غير مملوك ؛ لم يكن فيه ربا ؛ لأنه لم يتناوله البيع . وإن قلنا : إنه مملوك ، فإن قلنا : إن في الماء ربا ؛ لم يجز بيع دار بدار ، وفي كل واحدة منهما بئر ماء . وإن قلنا : لا ربا في الماء ؛ جاز ([432]).

الراحج : لا يصح بيع شاة في ضرعها لبن ، بشاة في ضرعها لبن ؛ لما تقدم .

المطلب الثاني : بيع اللبن باللبن .

الألبان إذا كانت جنسا واحدا فهي من الربويات التي لا يجوز بيع بعضها ببعض إلا مثلا بمثل يدا بيد .

وقد اختلف العلماء في اعتبار جنس واحد من الألبان وفي عدم اعتباره على ما يلي :

فذهب جمهور الحنفية والشافعية على الأصح والحنابلة في رواية إلى أن الألبان أجناس . فعلى هذا يجوز بيع لبن الغنم بلبن البقر متفاضلا ، وبيع أحدهما بما يتخذ من الآخر .

ولبن الضأن والمعز جنس واحد ، ولبن الوعل مع المعز الأصلي جنسان اعتبارا بالأصول .([433])

واستدلوا بما يلي :

1- لأن الألبان تتولد من الحيوان ، والحيوان أجناس .

2- لأن الأصول مختلفة حتى لا يكمل نصاب أحدهما بالآخر في الزكاة ، فكذلك أجزاؤها إذا لم تتبدل بالصنعة([434])، فإنها حينئذ تعد أجناسا . ولهذا جاز بيع الخبز بالدقيق والسويق متفاضلا ؛ لاختلاف أصليهما ([435]).

وذهب المالكية والشافعية في وجه آخر والحنابلة في رواية ثانية إلى أن الألبان جنس واحد . فألبان الضأن والمعز والبقر فلا يباع بعضها ببعض إلا مثلا بمثل يدا بيد([436]).

واستدلوا بما يلي :

1- اشتراك الألبان في الاسم الذي لا يقع التمييز بعده إلا بالإضافة ، فأشبهت أنواع الثمار كالمعقلي والبرني.

2- لاتحاد المقصود من الكل ، وهو التغدي ([437]).

وقال القاضي عبد الوهاب من المالكية : لا بأس اللبن باللبن حال رطوبتهما([438]).

والراجح : إن الألبان أجناس مختلفة ؛ لأن لحمها أجناس فكان لبنها أجناس ، فيجوز بيع اللبن بغير جنسه متفاضلا وكيف شاء ، يدا بيد ([439]).

وشرط جواز بيع اللبن باللبن أن لا يكون فيه ماء . فأما إذا كان فيه ماء فلا يجوز بيعه بمثله ، ولا بالخالص([440]).

وإذا حمى اللبن قليلا بحيث لا تأخذ النار منه فلا يمنع بيع بعضه ببعض ، كما قاله الشيخ أبو حامد ونصر من الشافعية([441]).

اللبن الحليب والرائب :

يجوز بيع اللبن الحليب([442]) بعضه ببعض ؛ لأن ذلك ليس من الرطب الذي يمتنع بيع بعضه ببعض لأنه لا ينتهي إلى الجفاف ، ولأن معظم منافعه حال كونه لبنا ، فجاز بيع بعضه ببعض كالتمر بالتمر .

ويجوز بيع اللبن الحليب بالرائب([443]) ؛ لأنه لبن خالص وإنما تغير فهو كتمر طيب بتمر غير طيب . ويجوز بيع الرائب بالرائب كما يجوز بيع تمر غير طيب بتمر غير طيب([444]).

ويجوز بيع الخاثر بالحليب والرائب والحامض أيضا ؛ لأن التفاوت بين الخاثر وغيره في الوزن ، والوزن لا اعتبار به ؛ لأن المعيار فيه الكيل([445]).

ولا يجوز بيع الحليب المغلي بغير المغلي ، ولا يبيع المغلي بالمغلي ؛ لأن النار تعقد أجزاءه . ولا يجوز بيع الحليب المشوب بالماء الخالص ، ولا بيع المشوب المشوب ؛ لأن ذلك يؤدي إلى تفاضل اللبنين([446]).

قال النووي : " يشترط في بيع الحليب بالجبن أن يكيله ولا رغوة فيه ، فلو كان فيه رغوة فيهما أو في أحدهما ؛ لم يصح حتى يسكن ، للجهل بالتماثل ، وحقيقة التفاضل "([447]).

بيع اللبن بما يتفرع منه :

الذي يتخذ من اللبن اثنا عشر شيئا كما قال النووي([448]) : الزبد ، والسمن ، والمخيض([449])، واللبأ([450])، والأقط([451])، والمصـل([452])، والجـبن([453])، والشـيراز([454])، والدجنين ، والـكَشْك([455])،

والطينح([456])، والكوامخ([457]) والكبح([458]).

وهي قسمان :

أحدهما – ما ليس فيه غيره كالزبد ، والسمن ، والمخيض ، واللبأ .

والثاني – وما فيه غيره .

القول الجملي : أن اللبن لا يجوز بيعه بما يتخذ منه من جميع ذلك ؛ لما يلي :

1- لأنه مستخرج من اللبن ، فلم يجز بيعه بأصله الذي فيه منه ، كالحيوان باللحم ، والسمسم بالشيرج .

2- ولأنه لا يخلو من لبن ، فيكون بيع لبن مع غيره بلبن([459]).

وفي التفصيل مسائل فنوردها كما يلي :

بيع اللبن بالزبد :

فعند المالكية([460]) والشافعية([461]) والحنابلة في ظاهر المذهب([462]): لا يجوز بيع اللبن بالزبد.

واستدلوا بما يلي :

1- أن الزبد شيء من اللبن ، فإذا باعه باللبن – واللبن مشتمل على الزبد – فيكون قد باع زبدا بزبد متفاضلا .

2- أو أن في الزبد شيئا من اللبن ، فيكون بيع لبن بلبن متفاضلا ([463]).

وذهب الحنفية ورواية عن الإمام أحمد إلى أنه : يجوز بيع اللبن بالزبد إذا كان الزبد المنفرد أكثر من الزبد في اللبن([464]).

وعن أبي حنيفة : أنه يجوز بيع مد زبد ومد لبن بمدي زبد ([465]).

قالوا : لأن الزبد إذا كان أكثر مما في اللبن ، فيكون الزبد بمثله والزيادة بالثجير ؛ لأن عند ذلك يعرى عن الربا ؛ إذ ما فيه من الزبد موزون ، وهذا لأن ما فيه لو كان أكثر أو مساويا له فالثجير وبعض الزبد أو الثجير وحده فضل ([466]).

واعترض عليهم : بإن هذا يقتضي جواز بيعه به متفاضلا ، ومنع جوازه متماثلا .

والراحج : لا يجوز بيع اللبن بالزبد ؛ لأن الشيئين إذا دخلهما الربا ، لم يجز بيع أحدهما بالآخر ومعه من غير جنسه ، كمد عجوة ودرهم بمدين .([467])

قال أبو عمر : لا يجوز بيع اللبن الذي يخرج منه الزبد بزبد . وقال : يجوز لبن الإبل بالزبد يدا بيد ؛ لأنه لا زبد فيه([468]) .

بيع اللبن بالمخيض :

فعند الشافعية([469]) والحنابلة([470]) : لا يجوز بيع اللبن بالمخيض .

واستدلوا : بأن المخيض شيء من اللبن ، فإذا باعه باللبن ، واللبن مشتمل على المخيض فيكون قد باع مخيضا بمخيض متفاضلا ([471]).

بيع اللبن بالجبن أو بالشيراز أو اللبأ أو الأقط أو الطنيح أو المصل أو الكشك :

ذهب الشافعية : إلى عدم جواز ذلك كله([472]). وقال أبو عمر من المالكية : لا يجوز بيع اللبن من غير الإبل بالجبن([473]).

واستدلوا بما يلي :

1- لأن أجزاءها قد انعقدت، فلا يجوز بيعها باللبن كيلا ؛ لأنهما يتفاضلان . ولا يجوز بيعها وزنا ؛ لأن اللبن مكيل ، فلا يباع بجنسه وزنا ([474]).

2- لأن في الجبن إنفحة وملحا فيكون بيع لبن وشيء بلبن([475]). وفي المصل ملح أيضا .

3- ولأن اللبن الكيل واللبأ المعمول للأكل لا يكال ؛ لأن النار عقدت أجزاءه فيوؤدي إلى التفاضل . وكذا أيضا اللبن بالجبن والمصل والكشك وشبهها للعلة المذكورة ([476]).

وما في الكشك من الحشائش ، فإنه يدش القمح ويعجن باللبن الحامض أو غيره ويصير ذلك من قاعدة مد عجوة ([477]).

وعند الحنفية : يجوز بيع اللبن بالجبن ؛ لاختلاف المقاصد والاسم . ([478]).

الراجح : لا يجوز بيع اللبن بما يتخذ من جميع ذلك ؛ لأن أجزاءها قد انعقدت فلا يجوز بيعها باللبن ؛ لأنهما يتفضلان .

بيع اللبن بالسمن :

ذهب الشافعية : إلى عدم جواز ذلك ؛ لأن السمن شيء من اللبن ، فإذا باعه باللبن ، واللبن مشتمل على السمن فيكون قد باع سمنا بسمن متفاضلا([479]).

وذهب الحنفية إلى عدم جواز ذلك فيما إذا لم يعلم مقدار ما فيه ؛ لاحتمال الربا ، والشبهة فيه كالحقيقة . ويجوز عندهم ما إذا كان السمن أكثر مما في اللبن ، فيكون السمن بمثله والزيادة بالثجير ؛ لأن عند ذلك يعرى عن الربا ؛ إذ ما فيه من السمن مكيل ، وهذا لأن ما فيه لو كان أكثر أو مساويا له فالثجير وبعض السمن أو الثجير وحده فضل ([480]).

واعترض عليهم : بإن هذا يقتضي جواز بيعه به متفاضلا ، ومنع جوازه متماثلا .

وقال أبو عمر من المالكية : لا يجوز بيع اللبن من غير الإبل بالسمن([481]) .

والراحج :

لا يجوز بيع اللبن بالسمن ؛ لأن الشيئين إذا دخلهما الربا ، لم يجز بيع أحدهما بالآخر ومعه من غير جنسه ، كمد عجوة ودرهم بمدين .([482])

قال السبكي : " إذا قلنا : بإن الألبان جنس فباع سمن البقر بلبن الإبل فيكون حكمه - يعني الجواز – وليس في لبن الإبل سمن يتميز بالمخض والعلاج "([483]).

وأما بيع النوع من فروع اللبن بنوعه :

وهو قسمان :

أحدهما :  ما خِلط من غير اللبن ، كالكشك والكامخ ونحوهما :

فهذا لا يجوز بيعه بنوعه ولا بغيره ؛ لأنه مختلط بغيره ، فهو كمسألة مد عجوة([484]).

والثاني : ما ليس فيه غيره أو فيه غيره إلا أن ذلك الغير لمصلحته :

فعند المالكية والحنابلة يجوز بيع كل نوع منه بعضه ببعض إذا تساويا في النشافة والرطوبة ، فيبيع المخيض بالمخيض ، واللبأ باللبأ ، والجبن بالجبن ، والمصل بالمصل ، والأقط بالأقط والزبد بالزبد والسمن بالسمن متساويا . ويعتبر التساوى بين الأقط بالأقط بالكيل ، وكذا المصل والمخيض . ويباع الزبد بالزبد بالوزن ، وكذلك السمن ، ويتخرج أن يباع السمن بالكيل . ولا يباع ناشف من ذلك برطب ([485]).

وعند الشافعية في بيع ما يتخذ من اللبن بعضه ببعض التفاصيل الآتية :

يجوز بيع السمن بالسمن ؛ لأنه لا يخالطه غيره ، ولأنه يدخر ولا يتأثر بالنار . ولأن الأسمان أجناس مختلفة ([486]).

وإذا بيع السمن بالسمن يباع وزنا على الصحيح([487]). وقيل : يجوز بيع السمن بالسمن كيلا إن كان ذائبا ووزنا إن كان جامدا ؛ لأنه بلغ حالة ادخاره ، والنار دخلته للتمييز قاله القاضي حسين ، وتبعه على ذلك البغوي والرافعي ([488]).

وأما بيع الزبد بالزبد ففيه وجهان : أصحهما([489]) لا يجوز ؛ لأن فيه لبنا فيكون بيع لبن وزبد بلبن وزبد ، ولأنهما أيضا على غير حال الادخار ، ولأن ما فيه من المخيض يمنع المماثلة . والثاني يجوز كما يجوز بيع السمن بالسمن .

والمراد بالزبد إذا كان جنس واحد كزبد الغنم بزبد الغنم ، فلو اختلف الجنس جاز ، قاله الصيمري وغيره ، وما في كل منهما من اللبن والرغوة غير مقصود ، والمماثلة غير واجبة([490]).

وأما بيع المخيض بالمخيض فإذا كان لم يطرح في أحدهما الماء للضرب ؛ جاز على المذهب([491]) ؛ لأنه بيع لبن بلبن كالرائب بالرائب. وإن طرح الماء فيهما أو في أحدهما ؛ لم يجز ؛ لتفاضل الماءين واللبنين .

وأما بيع المصل بالمصل والأقط بالأقط والجبن بالجبن واللبأ باللبأ ؛ فلا يجوز على الأصح([492]) ؛ لأن أجزاءها منعقدة ، ويختلف انعقادها ، ولأن فيها ما يخالطه الملح والأنفحة وذلك يمنع التماثل . وعلة انعقاد أجزائه بالنار شاملة لجميعها ، وكذلك علة مخالطتها لغيرها ففي الجبن الإنفحة وفي الأقط الملح وفي المصل الدقيق ، وأما اللبأ فليس إلا التأثر بالنار ، فيكون بيع لبن وغيره بلبن وغيره .

ولا ينافي ذلك كله صحة بيع اللبن ببعضه مع أن في كل منهما زبدا ؛ لأن الصفة حينئذ ممتزجة فلا عبرة بها.([493])

بيع ما نزع من اللبن بنوع آخر .

حكم بيع الزبد بالمخيض :

ذهب الشافعية في المنصوص([494]) والحنابلة في ظاهر المذهب والثوري وإسحاق([495]) : إلى جواز بيع الزبد بالمخيض متماثلا ومتفاضلا ؛ لما يلي :  

1- لأنهما جنسان ، وذلك لأنهما شيئان من أصل واحد أشبها اللحم بالشحم.

2- ولأنهما جنسان مختلفان لتباين الصفات ، واختلاف الاسم والغرض حتى يجوز التفاضل بينهما ([496]).

3- ولأن اللبن الذي في الزبد كالمستهلَك([497]).

وقال أبو إسحاق المروزي والشيخ أبو حامد من الشافعية : لا يجوز ذلك .

واستدلا على ذلك : بأن في الزبد شيئا من المخيض فيكون بيع زبد ومخيض بمخيض ، فيؤدي إلىالتفاضل .

وقد نوقش هذا الاستدلال بما يلي :

1- أن هذا لا يصح ؛ لأن الذي فيه من المخيض لم يكن ظاهرا ، وذلك القدر يسير لا يتبين إلا بالتصفية والنار ، فلم يكن له حكم([498]).

2- ولأن المقصودين مختلفان في الجنس ، كبيع الحنطة بالشعير وفي أحدهما قليل قصل أو زوان . يعني : أن التماثل ليس شرطا ، فالخلط – وإن منع التماثل – فهو غير مقصود فلا يضر ([499]).

والراجح :

هو القول بالجواز ؛ لأن اللبن الذي في الزبد غير مقصود ، وهو يسير ، فأشبه الملح في الشيرج([500]) .

بيع السمن بالمخيض :

ذهب الشافعية([501]) والثوري وإسحاق وهو ظاهر المذهب عند الحنابلة([502]) : إلى جواز بيع السمن بالمخيض متماثلا ومتفاضلا . وذلك لما يلي : 

1- لأنهما جنسان ، وذلك لأنهما شيئان من أصل واحد أشبها اللحم بالشحم.

2- ولأنه ليس في أحدهما شيء آخر ([503]).

3- ولأنه ليس في السمن شيء من المخيض([504]).

حكم بيع الزبد بالسمن :

ذهب  المالكية([505]) والشافعية([506]) والحنابلة في المذهب([507]) إلى عدم جواز بيع الزبد بالسمن .

واستدلوا بما يلي :

1- لأن في الزبد لبنا يسيرا ، ولا شيء في السمن ، فيختل التماثل .

2- ولأنه مستخرج من الزبد ، فلم يجز بيع به ، كالزيتون بالزيت .

وقال بعض الحنابلة : يجوز .

واستدل : بأن اللبن في الزبد غير مقصود ، فوجوده كعدمه ، ولذلك جاز بيعه بالمخيض وبزبد مثله ([508]).

ونوقش هذا الاستدلال : بأن هذا لا يصح لأن التماثل واجب بينهما ، وانفراد أحدهما بوجود السمن فيه ؛ يُخِلّ بالتماثل ، فلم يجز بيعه به ، كتمر منزوع النوى بتمر فيه نواه ، ولأن أحدهما ينفرد برطوبة لا توجد في الآخر ، فأشبه الرطب بالتمر ، والعنب بالزبيب ، وكل رطب بيابس من جنسه([509]).

وعند الحنفية : أنه يجوز بيع السمن بالزبد إذا كان السمن الخالص مثل ما في الزبد من السمن . وهو المروي عن أبي حنيفة ([510]). وذلك لوجود المقتضى وانتفاء المانع .

والراحج :

لا يجوز بيع الزبد بالسمن ، لقوة أدلة هذا القول ، وضعف أدلة القول الثاني .

بيع الجبن بالأقط :

وأما بيع الجبن بالأقط ؛ فلا يجوز مع رطوبتهما أو رطوبة أحدهما كما لا يجوز بيع الرطب بالتمر . وإن كانا يابسين احتمل أن لا يجوز أيضا ؛ لأن الجبن موزون والأقط مكيل ، فلم يجز بيع أحدهما بالآخر ، كالخبر بالدقيق ، ويحتمل الجواز إذا تماثلا ، كبيع الخبز بالخبز .([511])

ملخص المسائل :

قال السبكي : " وملخصه أنه لا يجوز في هذا الفصل إلا بيع السمن بالمخيض والزبد بالمخيض ، خلافا لأبي إسحاق والشيخ أبي حامد ، ويدخل فيه مسائل صرح بها الشيخ أبو حامد والمحاملي والماوردي والقاضي حسين وهو : أنه لا يجوز بيع شيء من الأقط والجبن والمصل واللبأ بالآخر "([512]).

وقال ابن قدامة : " لا يجوز بيع شيء من الزبد والسمن والمخيض بشيء من أنواع اللبن ، كالجبن واللبأ ونحوهما ؛ لأن هذه الأنواع لم ينتزع منها شيء ، فيكون حكمها حكم اللبن الذي في زبده ، فلم يجز بيعها ، كبيع اللبن بها "([513]).


المبحث الرابع : السلم في اللبن .

السلم في اللبن جائز عند الشافعية والأصح عند الحنابلة ، ويشترط ذكر جنس حيوانه ونوعه ومأكوله من مرعى أو علف معين بنوعه .

ولا حاجة إلى ذكر اللون ولا إلى ذكر الحلاوة ، فإن أطلق ينصرف إلى الحلو وإن جف ([514]).

وعند الشافعية والحنابلة يصح السلم في اللبن كيلا ووزنا ، ويوزن برغوته ، ولا يكال بها ؛ لأنها لا تؤثر في الميزان .([515])

وقال الشافعية : وإذا أسلم في لبن يومين أو ثلاثة ، فإنما يجوز إذا بقي حلوا في تلك المدة([516]).

قال أبو بكر الشاشي : " يجوز السلم في اللبن قبل الطبخ إذا كان حليبا . وقال القاضي أبو الطيب : يجوز السلم فيه أيضا بعد الطبخ ؛ لأن ناره تكون نارا لينة . والأول أقيس "([517]).

وعند المالكية نقل المواق عن المدونة : لا بأس بالسلم في اللبن والجص والزرنيخ وشبه ذلك ([518]).

واختلفت النقول عند الحنفية ، ففي البدائع : يشترط في المسلم فيه أن يكون موجودا من وقت العقد إلى وقت الأجل ، فإن لم يكن موجودا عند العقد أو عند محل الأجل ، أو كان موجودا فيهما لكنه انقطع من أيدي الناس فيما بين ذلك كالثمار والفواكه واللبن وأشباه ذلك ؛ لا يجوز السلم عندنا ([519]).

بينما جاء في الفتاوى الهندية : إذا أسلم في اللبن في حينه كيلا أو وزنا معلوما إلى أجل معلوم ؛ جاز ([520]).

وفي حاشية ابن عابدين : " ولا بأس في السلم في اللبن والآجر([521]) إذا بيّن الملبن والمكان وذكر عددا معلوما والمكان . وقال بعضهم : مكان الإيفاء وهذا قول أبي حنيفة ، وقال بعضهم : المكان الذي يضرب فيه اللبن ا.هـ أي لاختلاف الأرض رخاوة وصلابة وقربا وبعدا ، ولا يخفى أن الملبن إذا كان معينا لا يحتاج إلى بيان صفته ، بخلاف ما إذا كان غير معين فلا بد من كونه معلوما ، ويعلم كما في الجوهرة بذكر طوله وعرضه وسمكه " ([522]).

السلم في اللبن المشوب بالماء .

لا يجوز السلم فيما خالطه ما ليس بمقصود من غير حاجة كاللبن المشوب بالماء([523])، فلا يصح السلم فيه ؛ لأن غشَّه يمنع العلم بقدر المقصود منه ، فيكون مجهولا([524]).

واختلف الفقهاء في المخيض الذي فيه ماء .

فعند الشافعية لا يصح السلم فيه ؛ لعدم انضباط حموضته فإنه عيب فيه إلا في مخيض لا ماء فيه ، فيصح فيه ولا يضر وصفه بالحموضة ؛ لأنها مقصودة فيه([525]).

وعند الحنابلة يصح السلم في المخيض ولو كان فيه ماء ؛ لأن الماء يسير يترك لأجل المصلحة ، وقد جرت العادة به ، فلم يمنع صحة السلم فيه ، كالماء في الشيرج ، والملح والإنفحة في الجبن ، والماء في خل التمر ([526]).

الراجح : لا يصح السلم في المخيض إذا كان فيه ماء ؛ لأن فيه ما ليس من مصلحته ، وهو الماء ، فصار المقصود مجهولا ، ولأن حموضته عيب فيه ([527]).

السلم في اللبن المطبوخ :

قال الشافعية : لا يجوز السلم في المطبوخ والمشوي وكل ما عملت فيه النار ؛ لاختلاف الغرض باختلاف تأثير النار فيه وتعذر الضبط ([528]). قال شمس الدين الرملي : " ولهذا لو انضبط ناره أو لطفت صح فيه على المعتمد " ([529]).

وقال الحنابلة : يصح السلم فيما أمكن ضبطه مما مسته النار ([530]).

فأما اللبأ : فإن طبخ بالشمس جاز فيه السلم . وإن طبخ بالنار ففيه خلاف بين الفقهاء على قولين :

القول الأول : يصح السلم في اللبأ المطبوخ بالنار. وبه قال الحنابلة([531]) والشافعية في الأصح ، وهو قول القاضي أبي الطيب ، واختاره الغزالي والمتولي ومال إليه النووي في الروضة([532])، وصححه البغوي([533]) والنووي في تصحيح التنبيه ([534]).

واستدلوا بما يلي :

قوله ﷺ : من أسلف في شيء ففي كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم([535]). فظاهر هذا إباحة السلم في كل مكيل وموزون ومعدود .

ولأن عمل النار فيه معلوم بالعادة ، ممكن ضبطه بالنشافة ، والرطوبة ، فصح السلم فيه ، كالمجفف بالشمس ([536]).

والقول الثاني : لا يصح السلم في اللبأ المطبوخ بالنار . وهو الوجه الثاني عند الشافعية ، وبه قال الشيخ أبو حامد ومال إليه ابن الصباغ ([537]).

واستدلوا : بأن عمل النار فيه يختلف ، ولأنه يتفاوت كثيرا ، وعادات الناس أيضا مختلفة ، فلم يمكن ضبطه([538]).

الراجح : يجوز السلم في اللبأ المطبوخ بالنار كالمجفف بالشمس .

وحينئذ يذكر عند العقد صفات اللبن ، ويزيد اللون ، ويذكر الطبخ أو ليس بمطبوخ([539]).

السلم في الجبن :

ويجوز السلم في الجبن عند الشافعية([540]) والحنابلة([541]) ، لا يضر ما فيه من الملح  والإنفحة ؛ لأنها من مصالحه . ويذكر نوع الجبن وبلده ورطوبته ويبسه الذي لا تغير فيه. أما ما فيه تغير فلا يصح فيه ؛ لأنه معيب. وعليه يحمل منع الشافعي السلم في الجبن القديم.([542])

فإن أسلم في رطب فإنه إذا أخرج ، وترك على موضع حتى نزل منه الماء ، وبقي كالخاثر([543]) ؛ لزم المسلِم قبولُه .

وإن أسلم في اليابس ؛ لزمه أن يقبل أدنى ما يتناوله اسم اليَبْس ([544]).

ويصح أيضا السلم في الأقط ، ولا يضر ما فيه من الملح والإنفحة ؛ لأنه من مصالحه ([545]).

ولكن جزم البغوي من الشافعية بأنه : لا يجوز السلم في الأقط والجبن ؛ لأنه لا يمكن وصف ما فيه([546]).

الراجح : يصح السلم في الأقط والجبن ؛ لأن ما فيهما من مصالحهما .

السلم في الزبد :

ويجوز السلم في الزبد . فإذا أسلم فيه فإنه يقول : زبد بقر أو ضأن أو معز ، لأنها تختلف في الطعم واللون والثمن . ويذكر اللون ، فيقول : أبيض أو أصفر . ويقول : جيد أو رديء . ويقول أيضا : زبد يومه أو أمسه ؛ لأنه يختلف بذلك .

فإن جاءه بزبد فيه رقَّة نظرت :

فإن كان لشدة حر الزمان ؛ لزم المسلم قبوله . وإن كان لرقة في الأصل ؛ لم يلزمه قبوله ؛ لأنه عيب فيه .

ولا يجوز السلم فيه إلا وزنا .([547])

السلم في القشطة :

قد أفتى شيخ الشهاب الرملي بصحة السلم في القشطة ، ولا يضر اختلاطها بالنطرون ؛ لأنه من مصالحها .اهـ([548])

فهل يصح في المختلطة بدقيق الأرز ؟ فيه نظر ، ويحتمل الصحة .

ويحمل على المعتاد فيه من كل من النطرون والدقيق ([549]).

السلم في شاة لبون :

وإن أسلم في شاة لبون ففيه قولان عند الشافعية([550]) والحنابلة :

أحدهما : أنه لا يصح ، وهو الأظهر عند الشافعية([551]) والصحيح من مذهب الحنابلة([552]).

والثاني : يصح ، ولا يلزمه تسليم اللبن معها ، ولكنه يحلبها ويسلمها ([553]).

المبحث الخامس : الانتفاع بلبن ماشية الغير .

وفيه مطلبان :

المطلب الأول : الانتفاع بلبن ماشية الغير .

اختلف الفقهاء في الانتفاع بلبن ماشية الغير بدون الإذن وهو غير مضطر على ما يلي :

ذهب الجمهور منهم : الحنفية والمالكية([554]) والشافعية وداود([555]) ورواية عن الإمام أحمد([556]) : إلى أن من مر بماشية غيره لا يجوز له أن يحلبها ليشرب لبنها بدون إذن صاحبها إلا أن يكون في حال الضرورة التي يباح فيها الميتة ؛ فيجوز ذلك حينئذ عندهم .

ثم اختلفوا هل يغرم في ذلك ؟ فقال الجمهور : يغرم . وقال بعض السلف : لا يلزمه شيء ([557]).

واستدلوا بما يلي :

1- قوله ﷺ : « لا يحلبن أحد ماشية امرئ بغير إذنه ، أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته ، فتُكسُر خِزانته ، فينتقل طعامه ؟ فإنما تَخْزُن لهم ضروع مواشيهم أطعماتهم ، فلا يحلُبنّ أحد ماشيةَ أحد إلا بإذنه » ([558]).

قال القاضي أبو يعلى : " وهذا نهي يقتضي التحريم "([559]).

وقال أبو عمر : " هذا الحديث يسوي بين اللبن وبين سائر الطعام والمال في التحريم "([560]).

2- ما روى عباد بن شرحبيل ، أنه قال : أصابتني سنة فدخلت حائطا من حيطان المدينة ففَرِكْتُ سنبُلا ، فأكلت وحملتُ في ثوبي ، فجاءه صاحبه فضربني وأخذ ثوبي ، فأتيتُ رسول الله ﷺ ، فقال له : « ما عَلّمتَ إذ كان جاهلا ، ولا أطعمتَ إذ كان جائعا » أو قال « سابغا » وأمره فرد ثوبي ، وأعطاني وسقا أو نصف وسق من طعام([561]).

فظاهر هذا : أنه منع من شرب اللبن ، فلا فرق بينه وبين الثمار .

قال أبو عمر : " يحتمل أن يكون ضربه له ؛ لأنه أخذ فوق ما سدّ جوعه، وما حمل في غير بطنه "([562]).

3- وقوله ﷺ : « ألا لا تظلموا ، ألا لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس »([563]).

وعن الإمام أحمد في أصح الروايتين : يجوز ذلك من غير ضرورة ولا ضمان عليه([564]).

واستثنى كثير من السلف ما إذا علم بطيب نفس صاحبه وإن لم يقع منه إذن خاص ولا عام . وذهب كثير منهم إلى الجواز مطلقا سواء علم بطيب نفسه أو لم يعلم([565]).

واحتجوا لذلك بما يلي :

1- ما روى الحسن عن سمرة بن جندب أن النبي ﷺ قال : إذا أتى أحدكم على ماشية : فإن كان فيها صاحبها فليسأذنه ، فإن أذن له فليحتلب وليشرب ، فإن لم يكن فيها فليصوت ثلاثا ، فإن أجابه فليستأذنه ، وإلا فليحتلب وليشرب ولا يحمل »([566]).

2- وما روى زيد بن وهب ، قال : قال عمر t : « إذا كنتم ثلاثة فأمروا عليكم واحدا منكم ، فإذا مررتم براعي الإبل فنادوا : يا راعي الإبل ! فإن أجابكم فاستسقوه ، وإن لم يجبكم فأتوها فحلوها واشربوا ثم صروها »([567]).

3- وما روى الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري عن النبي ﷺ قال : إذا أتى أحدكم على راع فليناد : يا راعي الإبل ! ثلاثا ، فإن أجابه وإلا فليحلب وليشرب ولا يحملن !([568]).

وأجيب عن هذه الأحاديث بوجهين :

الأول : بأن حديث النهي أصح ، فهو أولى بأن يعمل به .

والثاني : وبأنه معارض للقواعد القطعية في تحريم مال المسلم بغير إذنه ، فلا يلتفت إليه ([569]).

الراجح :

أن من مر بماشية غيره وهو غير مضطر لم يكن له أن يحلبها ليشرب لبنها إلا بإذن صاحبها ؛ لأن هذا مما لم يأت فيه كتاب ولا سنة ثابتة بإباحته فهو ممنوع ، والثابت في الكتاب والسنة أنه لا يجوز أكل مال أحد إلا بإذنه .

وأما حديث الحسن عن سمرة بن جندب فقال البيهقي : " أحاديث الحسن عن سمرة لا يثبتها بعض الحفاظ ، ويزعم أنها من كتاب – يعني صحيفة - غير حديث العقيقة الذي ذكر فيه السماع ، فإن صح فهو محمول على حال الضرورة "([570]).

وأما حديث سعيد الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري فهو ضعيف كما تقدم بيانه في التخريج . وقد روي عن أبي سعيد الخدري عن النبي ﷺ خلافه : « لا يحل لأحد أن يحل صرار ناقة إلا بإذن أهلها عليها »([571]).

وأما قول عمر t فقال البيهقي : وهو عندنا محمول على حال الضرورة والله أعلم([572]).

قال أبو حاتم : " أضمر في هذا الخبر علة الأمر ، وهي اضطرار المرء وحاجته إليه دون تلف النفس دون القدرة والسعة "([573]).

وقال ابن عبد البر : " وهذه الآثار يحتمل أن تكون فيمن احتاج وجاع ، أو في مال الصَّديق إذا كان تافها لا يُتشاحُّ "([574]).

ونقل عن الليث بن سعد : " فلا بأس أن يأكل الرجل من مال أخيه الشيء التافه الذي يسرُّه بذلك ، وأكثر ذلك فيما كان ثمرا معلَّقا ، غير المدخرات "([575]).

ومن العلماء من جمع بين الحديثين بوجوه من الجمع كما أوردها الحافظ ابن حجر في الفتح([576]) :

منها : حمل الإذن على ما إذا علم طيب نفس صاحبه . والنهي على ما إذا لم يعلم.

ومنها : تخصيص الإذن بابن السبيل دون غيره أو بالمضطر أو بحال المجاعة مطلقا ، وهي متقاربة .

وحكى ابن بطال عن بعض شيوخه : أن حديث الإذن كان في زمنه ﷺ ، وحديث النهي أشار به إلى ما سيكون بعده من التشاح وترك المواساة .

ومنهم : من حمل حديث النهي على ما إذا كان المالك أحوج من المار ؛ لحديث أبي هريرة بينما نحن مع رسول الله e في سفر إذ رأينا إبلا مصرورة فثبنا إليها ، فقال لنا رسول الله e : « إن هذه الإبل لأهل بيت من المسلمين هو قوتهم أيسركم لو رجعتم إلى مزاودكم فوجدتم ما فيها قد ذهب » قلنا : لا ، قال : « فإن ذلك كذلك » أخرجه أحمد وبن ماجة واللفظ له . وفي حديث أحمد : فابتدرها القوم ليحلبوها .

قالوا : فيحمل حديث الإذن على ما إذا لم يكن المالك محتاجا ، وحديث النهي على ما إذا كان مستغنيا .

ومنهم من حمل الإذن على ما إذا كانت غير مصرورة والنهي على ما إذا كانت مصرورة لهذا الحديث ، لكن وقع عند أحمد في آخره : « فإن كنتم لا بد فاعلين فاشربوا ولا تحملوا » . فدل على عموم الإذن في المصرور وغيره ، لكن بقيد عدم الحمل ولا بد منه .

واختار بن العربي الحمل على العادة ، قال : وكانت عادة أهل الحجاز والشام وغيرهم المسامحة في ذلك ، بخلاف بلدنا . قال : ورأى بعضهم أن مهما كان على طريق لا يعدل إليه ولا يقصد جاز للمار الأخذ منه .

وفيه إشارة إلى قصر ذلك على المحتاج .

وأشار أبو داود في السنن إلى قصر ذلك على المسافر في الغزو .

وآخرون إلى قصر الإذن على ما كان لأهل الذمة والنهي على ما كان للمسلمين واستؤنس بما شرطه الصحابة على أهل الذمة من ضيافة المسلمين ، وصح ذلك عن عمر.

وذكر ابن وهب عن مالك في المسافر ينزل بالذمي ، قال : لا يأخذ منه شيئا إلا بإذنه ، قيل له : فالضيافة التي جعلت عليهم ، قال : كانوا يومئذ يخفف عنهم بسببها وأما الآن فلا .

وجنح بعضهم إلى نسخ الإذن وحملوه على أنه كان قبل إيجاب الزكاة ، قالوا : وكانت الضيافة حينئذ واجبة ثم نسخ ذلك بفرض الزكاة .

قال الطحاوي : وكان ذلك حين كانت الضيافة واجبة ثم نسخت فنسخ ذلك الحكم وأورد الأحاديث في ذلك([577]) . اهـ

المطلب الثاني : انتفاع المرتهن بلبن ماشية الغير المرهونة .

وفيه مسألتان :

المسألة الأولى : الانتفاع بلبن ماشية الغير المرهونة بغير إذن الراهن .

إذا كان الرهن مما يحلب ولم يأذن الراهن بالانتفاع ، فهل للمرتهن أن يحلبه ؟

اختلف العلماء في ذلك على أربعة أقوال :

القول الأول : لا يجوز للمرتهن الانتفاع به ، سواء أنفق عليها أم لم ينفق ، وسواء كان الانتفاع بقدر النفقة أم أكثر ، وسواء تعذر إنفاق الراهن – لامتناعه أو غيبته – أم لم يتعذر . وبه قال الحنفية([578]) والمالكية([579]) والشافعية([580])، وكذا الحنابلة في رواية مرجوحة([581]).

القول الثاني : للمرتهن أن ينتفع به بقدر نفقته متحريا العدل ، إذا أنفق عليها ، سواء أنفق عند تعذر النفقة من الراهن لغيبته أو امتناعه عن الإنفاق أو مع القدرة على أخذ النفقة من الراهن واستئذانه ، وترك ذلك . وبه قال الحنابلة في الرواية الراجحة عندهم وإسحاق ([582]).

القول الثالث : للمرتهن أن ينتفع بلبن الماشية المرهونة بقدر نفقته إذا أنفق عليها عند تعذر الإنفاق من الراهن لامتناعه . وبه قال الأوزاعي والليث وأبو ثور ([583]).

القول الرابع : للمرتهن أن ينتفع بلبن الماشية فقط بالنفقة قلّت أم كثرت ، إذا امتنع الراهن من الإنفاق . وبه قال ابن حزم ([584]).

الأدلــة :

استدل القائلون بأن المرتهن لا يجوز الانتفاع بلبن الماشية المرهونة مطلقا بما يلي :

1- قوله ﷺ : « لا يغلق الرهن ، الرهن لمن رهنه ، له غنمه وعليه غرمه » ([585]).

وجه الدلالة : أن الحديث جعل الغنم للراهن ، ولا شك أن منافع الرهن من غنمه ، واللبن من منافعه » .

 ونوقش هذا الاستدلال من وجهين :

الأول : أن الحديث مختلف في وصله وإرساله ، ورفعه ووقفه ، مما يجعله غير صالح للاحتجاج به ، ولا ينهض لمعارضة حديث البخاري الآتي .

والثاني : نقل عن ابن شهاب أن قوله : « له غنمه وعليه غرمه » ليس من قول النبي ﷺ وإنما هو من قول سعيد بن المسيب ، وقول سعيد لا يعدو أن يكون رأي تابعي ، فلا يقوم دليلا على المدعى ([586]).

أجيب عن هذين الاعتراضين بما يلي :

أ- أن الحديث أخرجه الحاكم ، وقال : " صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه لخلاف فيه على أصحاب الزهري " ووافقه الذهبي وابن حبان في صحيحه .

وقال الحافظ في بلوغ المرام : " إن رجاله ثقات إلا أن المحفوظ عند أبي داود وغيره إرساله ".

وقال شعيب الأرنوط : " رجاله ثقات رجال الشيخين غير إسحاق – وهو ابن عيسى بن نجيح البغدادي ، ابن الطباع – فمن رجال مسلم ، ورواه جماعة من الحفاظ بالإسال . وأما ابن عبد البر فقد صحح اتصاله ، وكذلك عبد الحق ، وهو الصحيح عند أبي داود والبزار والدارقطني وابن القطان "([587]).

ب- ورواه ابن حزم عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن ابن عوف عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ : فذكر الحديث .

وقال : " فهذا مسند من أحسن ما روي في هذا الباب ". وتعقبه الحافظ ابن حجر بأن فيه عبد الله بن نصر الأصم الأنطاكي ، وله أحاديث منكرة .

ورواه الدارقطني من طريق عبد الله بن نصر الأصم الأنطاكي ، وصححه عبد الحق ، وصحح وصله ابن عبد البر ، وقال : هذه اللفظة – يعني : له غنمه وعليه غرمه – اختلف الرواة في رفعها ووقفها ، فرفعها ابن أبي ذئب ومعمر وغيرهما ، ووقفها غيرهم . وقد روى ابن وهب هذا الحديث فجوده ، وبيَّن أن هذه اللفظة من قول سعيد بن المسيب ، وقال أبو داود في المراسيل : قوله : « له غنمه وعليه غرمه » من كلام سعيد بن المسيب نقله عنه الزهري .

ورواه الدارقطني ، وقال : هذا إسناد حسن متصل ، والسند الذي حسنه الدارقطني هو عبد الله بن عمران العابدي ، نا سفيان بن عيينة عن زياد بن سعد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا دونه قوله « من صاحبه الذي رهنه » .

قال الدارقطني : " زياد بن سعد من الحفاظ الثقات ". والعابدي صدوق كما قال أبو حاتم ، ولم ينفرد به ، فقد تابعه إسحاق بن الطباع عن ابن عيينة ، كما رواها ابن حبان . وإسحاق هو ابن نجيح بن الطباع البغدادي ، وهو ثقة من رجال مسلم .

وبهذا يتبين لنا : أن الحديث ورد مرسلا ومتصلا ، وأن الوصل زيادة ثقة ، وهي مقبولة ولو لم يُروَ إلا ملاسلا ، فهو من مراسيل سعيد بن المسيب الذي اتفق العلماء على قبول مراسيله .

وما نقل عن ابن شهاب من أن « له غنمه وعليه غرمه » من قول سعيد معارض بما ورد عنه في رواية الحاكم التي صححها والدارقطني التي حسنها مرفوعة على أن معمر أثبت الناس في ابن شهاب الزهري ، وقد رواها عنه مرفوعة ([588]).

2- أن الرهن لم يخرج المرهون من ملك الراهن ، والراهن لم يأذن للمرتهن بالانتفاع . فالمرتهن كالأجنبي ، والرهن كالوديعة ([589]).

واستدل القائلون بأن للمرتهن أن ينتفع بالمحلوب بقدر نفقته متحريا العدل إذا أنفق عليها - سواء أنفق عند تعذر النفقة من الراهن لغيبته أو امتناعه عن الإنفاق أو مع القدرة على أخذ النفقة من الراهن واستئذانه ، وترك ذلك – بما يلي :

1- قوله ﷺ : « الرهن يركب بنفقته إذا كان مرهونا ، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا ، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة »([590]).

وجه الدلالة : أن الحديث جعل المنفعة بدلا وعوضا عن النفقة ، ومعلوم أن الراهن يستحق المنافع بملك الرقبة ، لا بالنفقة ، مما يدل على أن المراد المرتهن ([591]).

ونوقش هذا الاستدلال بما يلي :

أولا : أن هذا الحديث ورد على خلاف القياس من وجهين :

أحدهما – التجويز لغير المالك أن يركب ويشرب بغير إذنه . ثانيهما – تضمينه ذلك بالنفقة لا بالقيمة .

قال ابن عبد البر : " هذا الحديث عند جمهور الفقهاء يرده أصول مجمع عليها وآثار ثابتة لا يختلف في صحتها ، ويدل على نسخه حديث ابن عمر في أبواب المظالم :
« لا تحلب ماشية امرئ بغير إذنه »([592]) "([593]).

أجيب عن هذا : بأن السنة الصحيحة من جملة الأدلة والأصول ، فلا يجوز ردها بدعوى المخالفة للأصول ، وهي لا ترد إلا بمعارض أرجح بعد تعذر الجمع . والجمع ممكن فحديث ابن عمر عام ، وحديث الباب خاص فيحمل العام على الخاص . ويكون المعنى : لا تحلب ماشية امرئ بغير إذنه إلا إذا كانت مرهونة وامتنع الراهن عن الإنفاق ، وأنفق عليها المرتهن ، فلا تعارض . ودعوى النسخ أيضا مردودة ؛ لأنه لا يثبت إلا بعد التعارض القائم ومعرفة تاريخ كلا الحديثين ([594]).

والحديثان يمكن الجمع بينهما وبين بقية الروايات التي ورد بها حديث الباب . وخلاصته بعد تسليم الإجمال في حديث الباب :

إن روايات أخرى وردت بعضها تفيد أن المرتهن ينتفع بالنفقة ، وبعضها يفيد أن الذي ينتفع الراهن . فيحمل الحديث على الروايات التي تفيد أن الذي ينتفع الراهن ، وتكون مفسرة لإجماله . وأما الروايات الأخرى فتحمل على ما إذا تعذر الإنفاق من قبل الراهن ، لامتناعه أو غيبته . وبهذا لا يكون بين حديث ابن عمر والأصول المجمع عليها وحديث الباب أي تعارض ([595]).

ثانيا : لا نسلم أن النفقة بدلا عن النفقة ؛ لأن هذا جار على أن الباء بدلية ، والظاهر أنها سببية ، وإذا كانت كذلك ، فالمنفق الراهن ، وهو الذي ينتفع .

ثالثا : إن هذا الحديث محمول على أنه كان قبل تحريم الربا ، وارتفع بتحريم الربا ما أبيح في هذا للمرتهن ([596]).

أجيب عنه : بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال ، ومعرفة التاريخ في هذا متعذرة ، والجمع بين الأحاديث ممكن كما تقدم ([597]).

2- إن نفقة الحيوان واجبة على المالك باتفاق ، وللمرتهن حق الحبس للعين المرهونة وللزوائد ، فلو انتفع المالك فات موجب الرهن الذي هو الحبس ولو لم ينتفع بها أحد لكان ذلك سببا ، وهو منهي عنه ، فقلنا : إن المرتهن ينتفع بما أنفق ، وهو في هذا نائب عن الراهن ، كالزوجة لها أن تأخذ قوتها وتنوب عن زوجها في الإنفاق على نفسها([598]).

واعترض على هذا بما يلي :

أولا : إن موجب الرهن ليس دوام الحبس ، وإن استدامة القبض ليست شرطا ، ومن ثم فالراهن ينتفع .

ثانيا : وقد أجزتم التسييب وتعطيل المنافع غير الركوب والشرب ، فكما جاز هناك يجوز هنا . وهذا إلزام فقط .

واستدل القائلون بأن للمرتهن أن ينتفع بلبن الماشية المرهونة بقدر نفقته إذا أنفق عليها عند تعذر الإنفاق من الراهن لامتناعه بما يلي :

حديث أبي هريرة المتقدم : « لا يغلق الرهن ، الرهن لمن رهنه ، له غنمه وعليه غرمه » مع الحديث الذي رواه حما بن سلمة في جامعه ، ولفظه : « إذا كانت الدابة مرهونة فعلى المرتهن علفها ، فإن استفضل من اللبن بعد ثمن العلف فهو ربا » .

وجه الدلالة من الحديثين : أن الحديث الأول جعل منافع الرهن للراهن لا يشركه فيها المرتهن ، والحديث الثاني جعل المنفق المرتهن فيكون هو المنتفع فيجمع بين الحديثين بحمل الأول على ما إذا أنفق الراهن على ملكه ، وقام بحقوق المرهون ، والثاني على ما إذا امتنع عن الإنفاق فينفق المرتهن على الرهن ليحتفظ به وثيقة ، ويبقى على حيوان محترم ، ويحفظ المال من الضياع ([599]). ويلحق الاستخدام بالحلب .

واستدل ابن حزم القائل بأن للمرتهن أن ينتفع بلبن الماشية فقط بالنفقة - قلّت أم كثرت ، إذا امتنع الراهن من الإنفاق - بما يلي :

1- قوله تعالى : ﴿ ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ﴾

2- وقول رسول الله ﷺ : « إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام » ([600]).

3- وحكم رسول الله ﷺ بأنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه وملك الشيء المرتهن باق لراهنه بيقين ، وبإجماع لا خلاف فيه ، فإذا هو كذلك ، فحق الرهن الذي للمرتهن ، ولم ينقل ملك الراهن عن الشيء المرهون لا يوجب حدوث حكم في منعه ما للمرء أن ينتفع به من ماله بغير نص بذلك ، فله الوطء والاستخدام والمؤاجرة ... وسائر ما للمرء في ملكه ، إلا كون الرهن في يد المرتهن فقط بحق القبض الذي جاء به القرآن ولا مزيد . أما الركوب والاحتلاب خاصة لمن ينفق على المركوب والمحلوب ، فلما روينا من طريق البخاري .. عن أبي هريرة t أن رسول الله ﷺ قال : « الظهر يركب ... إلخ » ([601]).

ويناقش ابن حزم حديث حماد بن سلمة السابق « فإن استفضل ... » مما يدل على أن ليس للمرتهن أن ينتفع أكثر مما أنفق .

الراجح في هذه المسألة – والله أعلم – هو الذي ذهب إليه الأوزاعي والليث وأبو ثور من أن للمرتهن أن ينتفع من الرهن بقدر النفقة إذا امتنع الراهن عن الإنفاق وأنفق ؛ لما يلي :

1- لأن في الأخذ بهذا الرأي العمل بجميع الأحاديث التي وردت في هذا الباب وغيره .

2- ولأن إعمال الأدلة أولى من إهمالها .

3- ولأنه يتفق مع أصول الشريعة الإسلامية في تحريم أموال الناس إلا بالحق .

المسألة الثانية : انتفاع المرتهن بلبن الماشية المرهونة بإذن الراهن .

اختلف فقهاء مذاهب الأربعة في جواز انتفاع المرتهن بالمحلوب بإذن الراهن . وذلك مبني على اختلافهم في جواز انتفاع المرتهن بالرهن سواء كان الرهن مركوبا أو محلوبا أو صالحا للخدمة . ولكل مذهب آراء وتفصيلات على النحو التالي :

مذهب الحنفية :

للحنفية في هذه المسألة خمسة أقوال :

القول الأول : يجوز الانتفاع به مطلقا – سواء كان الإذن مشروطا في العقد أم غير مشروط ، لكن الراهن أذن له مع العقد أو بعده ([602]).

وجه هذا القول : أن المنافع ملك للراهن ، وقد سلط عليها المرتهن باختيار منه وطيب نفس فيباح للمرتهن الانتفاع .

واعترض عليه : بأن الانتفاع إذا كان مشروطا في العقد ، فلا يقال عنه : إنه صدر باختيار من الراهن ، وطيب نفس منه ، بل الظاهر أنه ملجأ إليه ؛ لأنه واقع تحت تأثير الحاجة أو الاضطرار . أما إذا كان الإذن غير مشروط لفظا ، وليس هناك شرط في العرف ، فإنه يصدق على هذا الإذن حينئذ أنه قد صدر عن الراهن باختيار تام .

القول الثاني : لا يجوز أن ينتفع المرتهن بلبن الماشية المرهونة مطلقا – سواء كان الإذن مشروطا أم غير مشروط ([603]).

وجه هذا القول – حين الاشتراط – ما تقدم من أنه واقع تحت تأثير الحاجة أو الاضطرار ، من غير طيب نفس ، وهو كذلك عند عدم الاشتراط ؛ إذ هو واقع تحت رحمة الدائن وذل الدين ، وهي أمور إذا اجتمعت تدفعه إلى الإذن راغما ، فلم يكن الإذن باختيار تام .

واعترض عليه : بأنا لا نسلم أن الراهن عند عدم الاشتراط ليس له اختيار تام فإن الدائن لو كان يريد أن يلجئه ويدفعه للإذن لاشترط عليه ذلك في العقد أو يمنعه الدين حتى يأذن له بالمنفعة ، لكن الدائن لم يشترط ذلك ، لكن الراهن – باختياره التام ورغبته – بادر فتطوع فأباح الانتفاع للمرتهن من باب من أسدى إليكم معروفا فكافئوه ، وخياركم أحسنكم قضاء .

القول الثالث : أن انتفاع المرتهن بالرهن جائز قضاء ، غير جائز ديانة ([604]).

واعترض عليه : بأن ما كان من الربا لا يتبين فيه الفرق بين الديانة والقضاء ([605]).

القول الرابع : إن كان الإذن بالانتفاع مشروطا في العقد لم يجز الانتفاع ، وإلا فهو جائز ([606]).

ووجه هذا القول : أنه في حالة الاشتراط فإن الإذن بالانتفاع – حينئذ – لم يصدر عن اختيار تام وطيب نفس من الراهن ، وإنما هو وليد الحاجة القاهرة ، والضرورة الملحة ، ومن ثم فإنه يدخل في باب الربا .

وأما في حالة عدم الاشتراط ، فهو أن الراهن حين تبرع بعد العقد أو معه دون أن يتدخل المرتهن في ذلك ، فإن تبرعه هذا صدر عن رغبة منه وطيب نفس فيحل للمرتهن حينئذ الانتفاع .

واعترض عليه : بأن الشرط قد يكون حقيقة ، وقد يكون حكما فإن بعض الناس قد لا يشترطون المنافع في العقد ، لكن دافعهم إلى القرض هو الانتفاع بالمرهون ، ولو لاه ما بذلوا أموالهم ، وإذا لم يأذن لهم الراهن بالانتفاع غضبوا وهددوا بأخذ ديونِهم .

وأجيب عنه : بإن الإذن بالانتفاع لم يطلبه المرتهن ، والظاهر أنه تركه لاختيار الراهن ، أو ربما لم يدر بخلده – كما عليه بعض الناس – فإذا صدر عن الراهن باختياره وعن طيب نفسه ، فلا يهمنا نية المرتهن ، على أن المرتهن إذا بدا منه بوادر الإيحاء والمضايقة بالتهديد والوعيد فإنه لن يستطيع أن يؤثر على الراهن ، فهو قد استلم الدين وضرب له أجلا ، فلا يحق للمرتهن حتى المطالبة قبل حلول الأجل ، فإذنه بالانتفاع الذي يصدر في جو كهذا لن يكون إلا عن اختياره رغبة منه في مكافأة من أسدى إليه معروفا ، على أن الورع يقضي على المرتهن أن لا ينتفع بالرهن اتقاء للشبهات ([607]).

القول الخامس : أن الإذن إذا كان مشروطا حرم الانتفاع ، وإن لم يكن مشروطا فالانتفاع مكروه كراهة تحريمية .

ووجه الحرمة عند الاشتراط واضح مما تقدم([608]).

ولعل وجه الكراهة عند عدم الاشتراط : أن الانتفاع حينئذ مشروط عرفا ؛ لأن عندهم قاعدة : أن المعروف عرفا كالمشروط شرطا .

مذهب المالكية :

المنفعة عندهم حالتان : إما أن لا تكون من جنس الدين ، أو هي من جنسه :

الحالة الأولى : أن لا تكون من جنس الدين .

وفي هذه االحالة يجوز للمرتهن الانتفاع بها بثلاثة شروط :

1- أن يشترطها المرتهن على الراهن في صلب العقد . فإن تطوع بها الراهن لم يجز ذلك .

2- أن يكون الانتفاع بها مدة معلومة : كشهر أو سنة – مثلا – فإن كانت المدة مجهولة ؛ لم يجز الانتفاع ، وإن شرطت في العقد .

3- أن يكون الدين الذي رهن فيه الرهن من غير قرض : كثمن مبيع أو أجرة . فإن كان الدين من قرض ؛ لم يجز الانتفاع وإن شرط في العقد وعينت المدة .

قالوا : ويجوز اشتراط المنفعة مجانا ، أو على أن يترك مقابلها من الدين ، ويعجل الباقي على رأي أشهب . أو على أن ما بقي من الدين يترك للراهن ، لكن لا يجوز أن يشترط هذا الأخير في صلب العقد .

وقال ابن القاسم : لا يجوز اشتراط المنفعة لتحسب من الدين مطلقا سواء يعجل الباقي للمرتهن أم يترك للراهن.

ووجه جواز اشتراط المنفعة في البيع إذا عينت المدة : أن السلعة المبيعة – حينئذ – بعضها مقابل المسمى من الثمن . وبعضها الآخر في مقابلة المنفعة ؛ فلم تضع المنفعة على الراهن ، بل وقعت جزءا من ثمن السلعة التي اشتراها .

ووجه عدم جوازها تطوعا وإن كانت في عقد بيع : أنها حينئذ هدية مديان ، فلا يجوز .

واعترض عليه : بأنه إن كان الإذن من باب مكافأة من أسدى إليك معروفا فلا شيء فيه ، وإلا فكما قالوا .

ووجه عدم جوازها إذا جهلت المدة : أن الإجارة لا تجوز مع الجهالة .

وأما وجه عدم جواز ذلك في القرض مطلقا – سواء شرطت في العقد أو أباحها الراهن بعد - فلأنها : إما أن تكون مجانا أو في مقابلة الدين . فإن كانت مجانا فهو قرض جر منفعة للدائن فلا تجوز ، سواء شرطت أو تبرع بها الراهن . وإن كانت في مقابلة الدين ، فإن أخذها المرتهن بشرط ، فلا يجوز لاجتماع السلف والإجارة .

وإن أباحها الراهن له دون اشتراط أن تكون في مقابلة الدين ، فلأنها مبايعة مديان . فإن كانت فيها مسامحة حرم ، وإلا فقولان : الحرمة أو الكراهة .

الحالة الثانية : أن تكون المنفعة من جنس الدين .

وفي هذه الحالة إما أن يعين مدة الانتفاع أو لا .

فإن شرطت المنفعة ، وعينت مدة الانتفاع ؛ جاز ذلك في القرض والبيع إذا شرطت على أنه إن بقي شيء من الدين وفاه الراهن من عنده أو من ثمن الرهن ؛ لأن هذا شرط لا ضرر فيه على الراهن ولا على المرتهن .

وإن شرطت المنفعة على أن الفاضل من الدين يعطيه به بعد الأجل شيئا مؤجلا ؛ لم يجز ذلك في البيع ولا في القرض ؛ لأنه لا يجوز فسخ ما في الذمة في مؤخر .

وإن اشترطت على أن الفاضل من الدين يترك للمدين – الراهن – جاز في القرض ، ولم يجز في البيع ؛ لأن الفاضل مجهول ، والجهالة تجوز في القرض ، ولا تجوز في البيع .

وإن اشترطت للمرتهن – الدائن – ولم يعين أجلا لذلك ؛ جاز في القرض دون البيع ؛ لأن المدة مجهولة . والجهالة تجوز في القرض ، ولا تجوز في البيع ([609]).

يظهر هنا أن الجهالة تضر في القرض كما تضر في البيع ؛ لأنها مدعاة للنزاع والخصومة ، فإذا كان الدين مؤجلا فلا بد فيه من ذكر الأجل .

مذهب الشافعي :

إن الإذن بالانتفاع عندهم : إما يكون مشروطا في العقد أو غير مشروط .

فإن كان غير مشروط في العقد ؛ جاز الانتفاع مطلقا – سواء كان الدين من قرض أم من بيع ، وسواء كان مع العقد أم بعده .

ووجه هذا القول : قد تقدم في أكثر من موضع عند التوجيه لأقوال الحنفية والمالكية .

وإن كان مشروطا في العقد ، فهو إما أن يكون مجانا أو بعوض :

فإن كان مجانا ، فالشرط باطل ، ثم إن كان الرهن متبرعا به فالأظهر بطلان الرهن أيضا لمنافاته لمقتضى العقد .

وفي قول آخر لا يبطل الرهن ؛ لأن الرهن رهن تبرع من الراهن ، وهذا الشرط تبرع آخر ، وأحد التبرعين لا يبطل ببطلان الثاني ، كما لو أقرضه الصحاح بشرط رد المكسرة يلغو الشرط ويصح القرض .

وإن كان بعوض مشروطا في عقد بيع ، فإن لم تعين المدة بطل الشرط ، وكذا الرهن في الأظهر ؛ لأنه يؤدي إلى الجهالة .

وإن عينت المدة – كأن يقول : بعتك بمائة مؤجلة بشرط أن ترهنني بها دارك ، وتكون منفعتها لي سنة ، فبعض العبد مبيع ، وبعضه أجرة في مقابلة منفعة الدار . فإذا كانت منفعتها تساوي خمسين – مثلا – فالعبد موزع على الخمسين والمائة ، فثلثاه بيع في مقابلة المائة ، وثلثه أجرة في مقابلة المنفعة – فهذا جمع بين بيع وإجارة بعوض واحد ، وفي هذه المسألة قولان للشافعية :

أحدهما : أن البيع والإجارة جائزان ، وعلى هذا يكون شرط الانتفاع صحيحا ؛ لأن المقدار ، وإن لم يكن معلوما حين العقد ، إلا أنه يمكن علمه بعد ذلك بالتقويم كما تقدم .

ثانيهما : إن البيع والإجارة باطلان ، فعلى هذا يبطل البيع والرهن والشرط ؛ لأنه لا يعلم حصة البيع وحصة الإجارة .

وخلاصة مذهب الشافعية : أن الانتفاع يحل للمرتهن بأحد أمرين :

الأول : إذا أذن الراهن من غير شرط .

الثاني : إذا شرط الانتفاع في العقد لمدة معينة في مقابلة عوض ([610]).

مذهب الحنابلة :

قالوا : إذا أذن الراهن للمرتهن بالانتفاع بغير عوض ، ومن غير شرط : فإن كان دين الرهن من قرض ؛ لم يجز .

وإن كان من غير قرض – كثمن المبيع أو أجرة دار أو نحو ذلك - جاز ؛ لأنه إذا كان الدين من قرض فسيكون من باب الربا ؛ لأنه قرض جر منفعة . وإن كان من غير القرض لم يكن هناك ربا ، ولا شائبة ، وتقدم الاستدلال لمثل هذا القول .

وإن أذن له بالانتفاع بعوض من غير شرط – كأن يستأجر المرتهن الرهن بأجرة مثله – جاز في القرض وغيره ؛ لأن المرتهن حينئذ انتفع بسبب الإجارة لا بسبب الدين .

وإن حاباه في ذلك ، كأن كان الانتفاع بغير عوض ؛ لا يجوز في القرض ويجوز في غيره ؛ لأنه في القرض شائبة ربا ؛ لأنه منفعة من قرض ، بخلاف غيره .

وإن شرط في العقد أن ينتفع فالشرط فاسد .

وروي عن الإمام أحمد جوازه في البيع إن عينت المدة ، كأن يقول : بعتك هذا الثوب بدينار بشرط أن ترهنني عبدك لخدمتي شهرا ، فيكون جمعا بين بيع وإجارة . وذلك لوجود الإذن وانتفاء المانع ، وهو جره إلى الربا ([611]).

الراجح في هذه المسألة – والله أعلم – هو ما يلي :

أن انتفاع المرتهن بالرهن – سواء كان محلوبا أو مركوبا أو صالحا للخدمة – إما أن يكون مجانا أو بعوض .

فإن كان مجانا فهو جائز إذا خلا عقد الرهن عن اشتراطه حقيقة أو ضمنا . ثم لم يكن من المرتهن بعد عقد الرهن أية مضايقة للراهن أو إلجاء له . فإن وجد شيء من ذلك فهو سحت لا مراء فيه .

وإن كان بعوض جاز شريطة أن تكون المدة والعوض معلومين ، وأن لا تكون هناك محاباة . فإن جهلت المدة أو العوض ؛ لم يجز ؛ لأنه يؤدي إلى المنازعة . وإن وجدت محاباة ؛ فحكمها حكم الإذن مجانا .

 



([1])  [ سورة آل عمران : 102 ] .

([2])  [ سورة النساء : 1 ] .

([3])  [ سورة الأحزاب : 70 – 71 ] .

([4])  انظر : المعجم الوسيط 2/814 ، معجم لغة الفقهاء ص/388 .

([5])  انظر : معجم مقاييس اللغة 5/232 ، الصحاح 6/2191 .

([6])  انظر : الصحاح 6/2192 ، المصباح المنير ص/283 .

([7])  انظر : المصباح المنير ص/283 .

([8])  انظر : تهذيب الأسماء واللغات 3/303 .

([9])  انظر : الصحاح 6/2193 ، المعجم الوسيط 2/814 .

([10])  انظر : الموسوعة الفقهية 35/196 .

([11])  انظر : بدائع الصنائع 4/8-9 ، بلغة السالك 1/32 ، 33 ، الذخيرة 1/180 ، حاشية الدسوقي 1/86 (ط. دار الكتب العلمية ) فتح العزيز 1/39 ، نهاية المحتاج 1/244 ، الإنصاف 2/357 .

([12])  انظر : المصادر السابقة .

([13])  انظر : شرح فتح القدير 1/96-97 ، بدائع الصنائع 4/8-9 ، حاشية العدوى 1/158 ، التاج والإكليل 1/132 ،  المجموع 1/299-300 ، التهذيب 1/185 ، الموسوعة الفقهية 35/198 .

([14])  انظر : حاشية الخرشي 1/158 ، التاج والإكليل 1/132 .

([15])  انظر : الدسوقي 1/50-51 ، حاشية الخرشي 1/158 ، الشرح الكبير لابن قدامة 24/240 .

([16])  انظر : البحر الرائق 1/190 .

([17])  انظر : حاشية الدسوقي 1/86 ، مواهب الجليل 1/132 ، التاج والإكليل 1/132 .

([18])  أخرجه مسلم في كتاب الجنائز ، باب الصلاة على الجنازة في المسجد رقم (973) من حديث عائشة .

([19])  أخرجه الإمام أحمد في المسند 6/43 ، 55 ، وأبو داود في سننه ، كتاب الجنائز ، باب في تقبيل الميت رقم (3163) ، والترمذي في سننه ، كتاب الجنائز ، باب ما جاء في تقبيل الميت رقم (989) من حديث عائشة.

      قال أبو عيسى : " حسن صحيح " .

      وأخرجه أيضا البزار في البحر الزخار 9/273 (3821) من وجه آخر عن عائشة . وقال الهيثمي في المجمع 3/20 : " وإسناده حسن ". وقال الحافظ في مختصر الزوائد 1/343 : " إسناده لين ".

([20])  انظر : حاشية الدسوقي 1/91 ، البحر الرائق 1/186 .

([21])  انظر : الدر المختار ( مع رد المختار 3/217 ) ، المنتقى شرح الموطأ 4/150 ، المغني 8/180 ، نهاية المحتاج 7/172 .

([22])  سورة النساء : آية (23) .

([23])  سورة البقرة : آية (233) .

([24])  انظر : المصادر السابقة .

([25])  انظر : الدر المختار شرح تنوير الأبصار المطبوع مع رد المختار 3/217 .

([26])   انظر : نهاية المحتاج 7/172 .

([27])  انظر : المنتقى شرح الموطأ 4/150 .

([28])  انظر : المغني 8/180 .

([29])  انظر : رد المختار على الدر المختار 3/218 .

([30])  انظر : مغني المحتاج 3/414 .

([31])  انظر : الأم 5/26 .

([32])  انظر : المغني 8/180 .

([33])  سورة النساء : آية (23) .

([34])  انظر : الدر المختار 3/212 ، نهاية المحتاج 7/172 .

([35])  انظر : المصدرين السابقين .

([36])  انظر : المغني 8/180 . .

([37])  انظر : المغني 8/172 ، مغني المحتاج 3/415 ، نهاية المحتاج 7/173 ، بدائع الصنائع 5/2180 .

([38])  انظر : بدائع الصنائع 5/2180-2181 .

([39])  انظر : حاشية الدسوقي 2/502 ، التاج والإكليل 1/132 ( دار الكتب العليمة ) ، المنتقى شرح الموطأ 4/150 .

([40])  انظر : المغني 8/175-176 .

([41])  انظر : مغني المحتاج 3/415 ، نهاية المحتاج 7/173 .

([42])  انظر : بدائع الصنائع 5/2180-2181 .

([43])  انظر : مغني المحتاج 3/415 ، نهاية المحتاج 7/173 .

([44])  انظر : المغني 8/180 ، البحر الرائق 3/246 .

([45])  انظر : البحر الرائق 3/246 .

([46])  انظر : كشاف القناع 5/515 ، المغني 8/180 .

([47])  انظر : مغني المحتاج 3/404 ، المغني 8/180 .

([48])  انظر : مغني المجتاج 3/176 ، المغني 7/114 ، المحلى 11/172 ، المبسوط 3/293 ، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5/111 ، فتح القدير لكمال 3/448 ، نيل الأوطار 7/124 .

([49])  انظر : المصنف لابن أبي شيبة ، كتاب النكاح ، باب : ما قالوا في الرضاع 3/543 ( دار الكتب العلمية ).

([50])  انظر : المصنف لعبد الرزاق ، كتاب النكاح ، باب يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب 7/475.

([51])  انظر : الإقناع لابن المنذر 1/308 ( مكتبة الرشد ، وشركة الرياض للنشر والتوزيع ).

([52])  انظر : المغني 7/114 ، فتح الباري 9/151 ، المحلى 11/170 .

([53])  انظر : المحلى 11/174 .

([54])  أخرجه مسلم في صحيحه ، كتاب الرضاع ، باب تحريم الرضاعة من ماء الفحل رقم (1445) .

([55])  تنوق الرجل في مطعمه ومشربه تجود وبالغ . ومعناه في الحديث : أي تختار وتبالغ  في الاختيار . انظر : لسان العرب مادة ( نوق ) .

([56])  أخرجه مسلم في صحيحه ، كتاب الرضاعة ، باب تحريم ابنة الأخ من الرضاعة رقم (1446) .

([57])  أخرجه الترمذي في سننه ، في أبواب الرضاع ، باب ما جاء في لبن الفحل 3/296 رقم (1149) ، والإمام مالك في الموطأ 2/602 ، 603 ، وعبد الرزاق في مصنفه 7/474 (13942) ، والبيهقي في السنن الكبرى 7/453 . وانظر : المغنى 7/114 ، أحكام القرآن للجصاص 2/126 .

([58])  النساء : 23 .

([59])  انظر : بدائع الصنائع 5/216 ، زاد المعاد 4/173.

([60])  انظر : فتح الباري 9/151 .

([61])  انظر : المحلى لابن حزم 11/171 .

([62])  انظر : المغني 7/114 .

([63])  انظر : نيل الأوطار 7/125 .

([64])  انظر : المصدر السابق .

([65])  انظر : نيل الأوطار 7/125 .

([66])  انظر : فتح الباري 9/151 ، الجامع لأحكام القرآن 5/111 .

([67])  انظر : فتح الباري 9/151 .

([68])  انظر : المصدر السابق .

([69])  انظر : المحلى 11/174

([70])  انظر : المصدر السابق .

([71])  انظر : فتح القدير 3/448 ، المغني 8/182 ، تبيين الحقائق 2/184 ، المحلى 11/208 ، الخرشي على خليل 4/179 ، روضة الطالبين 9/19 .

([72])  انظر : المصادر السابقة .

([73])  انظر : المغني 8/182 ، تبيين الحقائق 2/184 .

([74])  انظر : فتح القدير 3/449 .

([75])  انظر : تيين الحقائق 2/184 ، المهذب 2/157 .

([76])  انظر : المغني 8/182 .

([77])  انظر : الخرشي على خليل 4/179 ، الكافي لابن عبد البر 2/541 .

([78])  انظر : بدائع الصنائع 5/2185 .

([79])  انظر : فتح القدير 3/449 .

([80])  انظر : بدائع الصنائع 5/2185 .

([81])  انظر : بدائع الصنائع 5/2185 ، مغني المحتاج 3/419 ، المهذب 2/157 .

([82])  انظر : المغني 8/182 ، المنتقى شرح الموطأ 4/150 .

([83])  انظر : تبيين الحقائق 2/184 .

([84])  انظر : المهذب 2/157 .

([85])  انظر : المغني 8/182 .

([86])  انظر : المهذب 2/157 .

([87])  انظر : المغني 8/182 .

([88])  انظر : المهذب 2/157 .

([89])  انظر : الخرشي على خليل 4/179 ، مواهب الجليل 4/180 ، الكافي 2/541 .

([90])  انظر : المهذب 2/157 ، المغني 8/182 .

([91])  انظر : المهذب 2/157 ، المغني 8/182 .

([92])  انظر : المهذب 2/157 ، المغني 8/182 ، الخرشي على خليل 4/179 ، مواهب الجليل 4/180 .

([93])  انظر : تنوير البصائر ( مع شرحه الدر المختار ) 3/209 ، تحفة الفقهاء 2/229 ، تبيين الحقائق 2/181 .

([94])  انظر : المدونة 2/405 ، بلغة السالك لأقرب المسالك 1/515 .

([95])  انظر : المغني 8/171 .

([96])  انظر : المغني 8/172 .

([97])  انظر : نهاية المحتاج 7/176 .

([98])  انظر : المغني 8/171 .

([99])  انظر : المصنف لابن أبي شيبة 3/542 رقم (17025) ( دار الكتب العلمية ) ، المغني 8/171 .

([100])  النساء : 23 .

([101])  انظر : المدونة 2/405 ، تبيين الحقائق 2/181 .

([102])  أخرجه أبو داود في سننه 2/505 رقم (4604) . صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 3/117.

([103])  انظر : المغني 8/172 .

([104])  أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب الشهادات ، باب الشهادة على الأنساب رقم (2645) ، ومسلم في صحيحه ، كتاب الرضاع ، باب تحريم ابنة الأخ من الرضاعة رقم (1447) من حديث ابن عباس .

([105])  انظر : المغني 8/172 .

([106])  أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب الشهادات ، باب : إذا شهد شاهد رقم (2640) ، والنسائي في سننه ، كتاب النكاح ، باب الشهادة في الرضاع 6/418 رقم (3330) .

([107])  انظر : المغني 8/172 .

([108])  أخرجه البخاري ، كتاب الشهادة ، باب الشهادة على الأنساب رقم (2647) ، ومسلم في صحيحه ، كتاب الشهادات ، باب : إنما الرضاعة من المجاعة حديث رقم 32-(1455) .

([109])  أخرجه مسلم في صحيحه ، كتاب الرضاع ، باب في المصة والمصتان رقم 17-(1450) من حديث عائشة .

([110])  أخرجه مسلم في صحيحه ، كتاب الرضاع ، باب رضاعة الكبير رقم 27-(1453) .

([111])  أخرجه الإمام مالك في الموطأ 2/605 . وحسنه النووي . انظر : هامش الموطأ .

([112])  انظر : تبيين الحقائق 2/181 – 182 .

([113])  المصة : اسم مرة من المص ؛ وهو شرب اللبن شربا رقيقا . انظر : القاموس المحيط مادة ( مص ) .

([114])   أخرجه مسلم في صحيحه كما تقدم .

([115])  الإملاجة : اسم مرة من الإملاج ؛ وهو امتصاص الرضيع لثدي أمه بأدنى فمه. انظر : القاموس المحيط مادة ( ملج ) .

([116])  أخرجه مسلم في صحيحه ، كتاب الرضاع ، باب : في المصة والمصتان رقم 18-(1451) ، والبيهقي في السنن الكبرى 7/455 .

([117])  أخرجه مسلم في الموضع السابق برقم 19-(1451) ، والبيهقي في السنن الكبرى 7/455 .

([118])  انظر : زاد المعاد 4/175 .

([119])  انظر : بدائع الصنائع 5/2179 .

([120])  انظر : فتح الباري 9/147 .

([121])  أخرجه الطبراني – كما في مجمع الزوائد 4/212 - .

([122])  انظر : بدائع الصنائع 5/2179 .

([123])  النساء : 23 .

([124])  النحل : 44 .

([125])  أخرجه مسلم في صحيحه كما سبق .

([126])  أخرجه مسلم في صحيحه ، كتاب الرضاع ، باب التحريم بخمس رضعات رقم 24 ، 25 – (1452).

([127])  رواه ابن ماجة في سننه ، كتاب النكاح ، باب رضاع الكبير 2/460 رقم (1944) .

([128])  انظر : تبيين الحقائق 2/182 .

([129])  انظر : أصول السرخسي 2/81 .

([130])  انظر : إرشاد الفحول ص/189-190 ، الإحكام في أصول الأحكام 2/263-264 .

([131])  انظر : زاد المعاد 4/175 .

([132])  انظر : المصدر السابق .

([133])  أصول الأحكام لابن حزم 1/440-454 .

([134])  أخرجه أبو داود في سننه ، كتاب النكاح ، باب في رضاعة الكبير رقم (2059) و (2060) ، والبيهقي في السنن الكبرى 7/461 . والحديث ضعف الألباني رفعه ، وصححه وقفه على ابن مسعود . انظر : صحيح سنن أبي داود 1/577 ، وضعيف سنن أبي داود ص/159 .

([135])  رواه مالك في الموطأ 2/605 . وحسنه النووي ( انظر : هامش الموطأ ) .

([136])  رواه عبد الرزاق في المصنف 7/461 .

([137])  انظر : المهذب 2/156 ، المغني 8/173 .

([138])  انظر : فتح القدير 3/441 ، بدائع الصنائع 5/2175 ، المنتقى شرح الموطأ 4/151 ، المغني 8/177 ، المحلى 11/198 .

([139])  انظر : المحلى 11/198 .

([140])  انظر : بدائع الصنائع 5/2175 ، فتح القدير 3/441 .

([141])  انظر : المدونة 2/407 ، حاشية الدسوقي 2/503 ، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 3/162 .

([142])  انظر : بدائع الصنائع 5/2175 ، فتح القدير للكمال 3/442 .

([143])  انظر : المحلى 11/207 ، المغني 8/177 .

([144])  البقرة : 223 .

([145])  انظر : المحلى 11/205 .

([146])  البقرة : 196 .

([147])  النساء : 23 .

([148])  انظر : المحلى 11/205 .

([149])  لقمان : 14 .

([150])  أخرجه مسلم في صحيحه ، كتاب الرضاع ، باب : رضاعة الكبير رقم 26-(1453) .

([151])  أخرجه مسلم في الموضع السابق برقم 27-(1453) .

([152])  انظر : صحيح مسلم رقم 28-(1453) .

([153])  أخرجه مسلم في الموضع السابق برقم 28-(1453) .

([154])  أخرجه مسلم في صحيحه ، كتاب الرضاع ، باب رضاعة الكبير رقم 29-(1453) .

([155])  أخرجه مسلم في صحيحه ، كتاب الرضاع ، باب رضاعة الكبير رقم 30-(1453) .

([156])  انظر : المحلى 11/205 – 206 .

([157])  انظر : بدائع الصنائع 5/2174 ، فتح الباري 9/149 ، نهاية المحتاج 7/176 .

([158])  انظر : فتح الباري 9/149 .

([159])  انظر : صحيح مسلم حديث رقم 30-(1453) من حديث أم سلمة .

([160])  انظر : فتح الباري 9/149 .

([161])  انظر : فتح الباري 9/149 ، المغني 8/178 ، نهاية المحتاج 7/176 .

([162])  كما أخرجه مسلم في صحيحه ، كتاب الرضاع ، باب رضاعة الكبير رقم 31-(1454) من حديث زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة : أنها قالت : أبى سائر أزواج النبي ﷺ أن يدخلن عليهن أحدا بتلك الرضاعة ، وقلن لعائشة : والله ، ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله ﷺ لسالم خاصة ...

ورواه أيضا أبو داود في سننه ، كتاب النكاح ، باب من حرَّم به رقم (2061) ، والنسائي في سننه ، كتاب النكاح ، باب رضاع الكبير رقم (3324) عن عروة قال : أبى سائر أزواج النبي ﷺ أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد ... وقلن لعائشة : : والله ما نُرى الذي أمر رسول الله ﷺ سهلة بنت سهيل إلا رخصة في رضاعة سالم وحده من رسول الله ﷺ .

([163])  انظر : فتح الباري 9/149 ، المغني 8/178 ، نهاية المحتاج 7/176 .

([164])  أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب الأضاحي ، باب قول النبي ﷺ لأبي بردة : « ضح بالجذع من المعز ، ولن تجزي عن أحد بعدك » رقم (5556 ، 5557) . وانظر : المحلى 11/206 .

([165])  الأحزاب : 5 .

([166])  انظر : فتح الباري 9/149 ، المغني 8/178 ، نهاية المحتاج 7/176 .

([167])  متفق عليه كما تقدم .

([168])  انظر : المحلى 11/207 .

([169])  انظر : زاد المعاد 4/181 .

([170])  انظر : فتح القدير للكمال 3/442 .

([171])  انظر : أوجز المسالك إلى موطأ مالك 10/306 ، المنتقى شرح موطأ مالك 4/151 .

([172])  النساء : 23 .

([173])  انظر : بدائع الصنائع 5/2175 .

([174])  لقمان : 14 .

([175])  انظر : معالم التنزيل للبغوي 1/278 .

([176])  البقرة : 233 .

([177])  انظر : بدائع الصنائع 5/2175 .

([178])  انظر : البحر الرائق 3/239 .

([179])  البقرة : 223 .

([180])  أخرجه أبو داود في المناسك ، باب : من لم يدرك عرفة رقم (1949) ، والنسائي في المناسك ، باب فرض الوقوف بعرفة رقم (3016) ، والترمذي في الحج ، باب ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج رقم (889) ، وابن ماجة في المناسك ، باب : من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع بلفظ : « الحج عرفة فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة جمع فقد تم حجه » . والحديث صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/549 .

([181])  انظر : بدائع الصنائع 5/2176 ، أحكام القرآن للجصاص 1/412-413 .

([182])  لقمان : 14 .

([183])  انظر : بدائع الصنائع 5/2177 .

([184])  الأحقاف : 15 .

([185])  انظر : بدائع الصنائع 5/2177 .

([186])   انظر : البحر الرائق 4/177 .

([187])  أخرجه الترمذي في جامعه ، كتاب الرضاع ، باب : ما جاء ما ذكر أن الرضاعة لا تحرم إلا في الصغر دون الحولين ، رقم (1152) . وقال : " حديث حسن صحيح ".

      وقال : " والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ وغيرهم : أن الرضاعة لا تحرم إلا ما كان دون الحولين ... ".

([188])  انظر : المحلى 11/202 .

([189])  انظر : نيل الأوطار 7/122 .

([190])  انظر : زاد المعاد 4/179 .

([191])  أخرجه الطبراني في المعجم الصغير ، وأخرجه عبد الرزاق في المصنف وابن عدي في الكامل من وجه آخر عن علي t . وأخرجه أيضا أبو داود الطيالسي في سننه ص243 رقم (1767) عن جابر t مرفوعا . انظر : المطالب العالية 2/229 رقم 1766/1 .

([192])  انظر : المحلى 11/202 .

([193])  لقمان : 14 .

([194])  انظر : المحلى 11/202 .

([195])  البقرة : 223 .

([196])  انظر : فتح القدير 3/442 ، مغني المحتاج 3/416 ، المغني 8/178 .

([197])  انظر : الأم 5/25 .

([198])  لقمان : 14 .

([199])  الأحقاف : 15 .

([200])  انظر : المغني 8/178 .

([201])  رواه الدارقطني في سننه 4/174 . وقال : ولم يسنده عن ابن عيينة غير الهيثم بن جميل ، وهو ثقة . انظر : نيل الأوطار 7/121 .

([202])  انظر : نصب الراية 3/218 ، سبل السلام 3/216 ، تلخيص الحبير 4/4 .

([203])  انظر : تدريب الراوي 1/221-222 ، نصب الراية 3/219 .

([204])  انظر : المرجعين السابقين .

([205])  انظر : نصب الراية 3/219 .

([206])  انظر : نصب الراية 3/219 .

([207])  تقدم تخريج الحديث .

([208])  تقدم تخريجه .

([209])  انظر : نصب الراية 3/219 .

([210])  في السنن الكبرى 7/461 .

([211])  أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/461 ، وعبد الرزاق في المصنف 7/413 .

([212])  أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/462 .

([213])  أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7/462 .

([214])  انظر : البحر الرائق 3/239 .

([215])  انظر : البحر الرائق 3/239 .

([216])  انظر : بدائع الصنائع 5/145 ، الشرح الكبير 11/38 .

([217])  انظر : بدائع الصنائع 5/145 .

([218])  انظر : بدائع الصنائع 5/145 .

([219])  انظر :  الشرح الكبير 11/38 .

([220])  انظر : المجموع 9/305 .

([221])  انظر : المجموع 9/305 .

([222])  انظر : المجموع 9/305 .

([223])  انظر : المجموع 9/305 .

([224])  انظر : المجموع 9/305 .

([225])  انظر : نهاية المحتاج 1/245  ، الشرح الكبير 11/38-39 ، الإنصاف 11/37-38 .

([226])  انظر : المجموع 9/305 .

([227])  انظر : المجموع 9/305 .

([228])  انظر : المجموع 9/305 .

([229])  انظر : الشرح الكبير 11/38-39 ، الإنصاف 11/37-38 .

([230])  انظر : المصادر السابقة .

([231])  الطلاق : 6 .

([232])  انظر : المبسوط 15/118 .

([233])  انظر : المبدع 5/67 .

([234])  انظر : المبسوط 15/118 .

([235])  انظر : المبسوط 15/118 ، كشاف القناع 3/537-538 ، المبدع 5/62 .

([236])  انظر : المبسوط 15/118 .

([237])  انظر : رد المحتار على الدر المختار 3/620 .

([238])  انظر : رد المختار على الدر المختار 3/620 .

([239])  الطلاق : 6 .

([240])  انظر : رد المختار على الدر المختار 3/620 ، كشاف القناع 5/554 ، مغني المحتاج 2/345 .

([241])  انظر : المبدع 5/66 ، الدر المختار على تنوير الأبضار 6/53 ، مغني المحتاج 2/345 .

([242])  انظر : كشاف القناع 5/554 ، مغني المحتاج 2/345 .

([243])  انظر : حاشية الخرشي 7/23 ، كشاف القناع 5/554 ، مغني المحتاج 2/345 .

([244])  انظر : المختار على الدر المختار 6/53 .

([245])  انظر : المغني 7/336 .

([246])  انظر : سياسة الصبيان وتدبيرهم ص/71 .

([247])  انظر : الدر المختار على تنوير الأبصار 3/218 ، مغني المحتاج 2/345 .

([248])  انظر : سياسة الصبيان وتدبيرهم ص/72 .

([249])  انظر : المرجع السابق .

([250])  انظر : المصدر السابق .

([251])  انظر : بدائع الصنائع 1/63 ، وحاشية ابن عابدين 1/206 ، حاشية الدسوقي 1/86 ، الذخيرة 1/180 ، التهذيب 1/185 ، فتح العزيز 1/39 ، نهاية المحتاج 1/244 ، الإنصاف 1/357 .

([252])  سورة النحل : 66 .

([253])  انظر : الذخيرة 1/180 .

([254])  انظر : حاشية الدسوقي 1/86 ، حاشية الخرشي 1/158 ، التهذيب 1/185 ، فتح العزيز 1/39 ، الإنصاف 2/357 .

([255])  انظر : التهذيب 1/185 ، فتح العزيز 1/39 .

([256])  الإنصاف 2/357-358 .

([257])  انظر : الإنصاف 2/357-358 .

([258])  انظر : حاشية ابن عابدين 5/216 ، تكملة فتح القدير 8/421 ، نهاية المحتاج 1/227 ، مغني المحتاج 1/80 ، المغني 8/591 .

([259])  بناء على تبعية اللبن للحم ، فقد قالوا : لبن غير الآدمي تابع للحمه في الطهارة بعد التذكية  وهو المباح والمكروه الأكل فلبنه طاهر ، وإن كان نجسا بعد التذكية وهو محرم الأكل فلبنه نجس ، والفرس من الحيوانات المحرمة عندهم . انظر : شرح الدردير مع حاشية الدسوقي 1/50-51 ، جواهر الأكليل 1/9 ، 218 .

([260])  انظر : المبسوط 11/233 . قال في الدر المختار شرح تنوير الأبصار 6/305 : " وقيل : إن أبا حنيفة رجع عن حرمته قبل موته بثلاثة أيام ، وعليه الفتوى ".

([261])  أخرجه الدارقطني في سننه 4/288 ، والبيهقي في السنن الكبرى 9/327 .

([262])  أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب الذبائح والصيد ، باب : لحوم الخيل .

([263])  أخرجه مسلم في صحيحه ، كتاب الصيد والذبائح ، باب في أكل لحوم الخيل .

([264])  انظر : فتح الباري 9/652 .

([265])  انظر : بدائع الصنائع 5/39 .

([266])  انظر : فتح الباري 9/652 .

([267])  انظر : فتح الباري 9/652 .

([268])  أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب الذبائح والصيد ، باب : لحوم الخيل ، رقم الحديث (5519) ، ومسلم في صحيحه ، كتاب الصيد والذبائح ، باب : في أكل لحوم الخيل ، رقم الحديث (1942) .

([269])  صحيح البخاري ، كتاب الذبائح والصيد ، باب : النحر والذبح ، رقم الحديث (5511) .

([270])  انظر : فتح الباري 9/649 .

([271])  انظر : المبسوط 11/234 .

([272])   انظر : فتح الباري 9/649 .

([273])  انظر : شرح ابن دقيق العيد بحاشية الصنعاني 4/455 .

([274])  النحل : 8 .

([275])  انظر : شرح الدردير مع حاشية الدسوقي 1/50-51 ، جواهر الأكليل 1/9 ، 218 .

([276])  انظر : شرح الدردير مع حاشية الدسوقي 1/50-51 ، جواهر الأكليل 1/9 ، 218 .

([277])  أخرجه البخاري في كتاب فضائل الصحابة ، باب : فضل قول النبي ﷺ : « لو كنت متخذا خليلا » رقم (3663) ، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة ، باب : من فضائل أبي بكر ، رقم (2388) .

([278])  ودلالة الاقتران قد ضعفها أكثر علماء الأصول . انظر : أضواء البيان 2/256 .

([279])  أخرجه أبو داود في سننه ، كتاب الأطعمة ، باب في أكل لحوم الخيل رقم (3790) ، والنسائي في سننه ، كتاب الصيد ، باب تحريم أكل لحوم الخيل رقم (4342-4343) ، والدارقطسني في سننه 4/287 كلهم من طريق بقية بن الوليد ، وقد صرح بقية بالتحديث .

قال في التعليق المغني على الدارقطني 4/288 : " ورواه أحمد في مسنده ، والطبراني في معجمه ، قال البخاري في تاريخه : صالح بن يحيى بن المقدام فيه نظر . وقال البيهقي في المعرفة : إسناده مضطرب . وهو مخالف لحديث الثقات . وقال أبو داود : هذا حديث منسوخ " . انظر : نصب الراية 4/196 .

([280])  انظر : فتح الباري 9/651 ، 652 .

([281])  شرح صحيح مسلم للنووي 13/96 .

([282])  ( المُجَثَّمة ) ؛ هي الشاة ترمَى بالحجارة حتى تموت . انظر : المعجم الوسيط 1/107 .

([283])  أخرجه الطحاوي ، وابن حزم في المحلى 7/408 من طريق عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر t . انظر : فتح الباري 9/651 .

([284])  انظر : فتح الباري 9/651 .

([285])  انظر : المبسوط 11/234 ، بدائع الصنائع 5/38 .

([286])  انظر : فتح الباري 9/651 .

([287])  انظر : المصدر السابق .

([288])  انظر : المحلى 8/409 ، المغني 11/70 .

([289])  انظر : بدائع الصنائع 5/37 ، المبسوط 11/232 ، حاشية ابن عابدين 6/304 .

([290])  انظر : حاشية الدسوقي 2/137 ، المنتقى شرح الموطأ 3/113 ، جواهر الإكليل 1/9 ، 218 .

([291])  انظر : المجموع 9/6 ، الغرر البهية شرح بهجة الوردية 5/176 ، مغني المحتاج 1/80 ، نهاية المحتاج 1/277.

([292])  انظر : المغني 8/587 ، كشاف القناع 1/195 .

([293])  انظر : بدائع الصنائع 5/37 ، المبسوط 11/232 .

([294])  أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب الذبائح والصيد ،  باب لحوم الحمر الإنسية ، رقم (5523) ، ومسلم في صحيحه ، كتاب الصيد والذبائح ، باب تحريم أكل لحم الحمر الأهلية رقم (4216) .

([295])  أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب الذبائح والصيد ، باب لحوم الحمر الإنسية ، رقم (5521) ، ومسلم في صحيحه ، كتاب الصيد والذبائح ، باب تحريم أكل لحم الحمر الأهلية ، رقم (561) .

([296])  أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب الذبائح والصيد ، باب لحوم الحمر الأنسية رقم (5524) ومسلم في صحيحه ، كتاب الصيد والذبائح ، باب تحريم أكل لحم الحمر الأنسية رقم (1941) .

([297])  أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب الذبائح والصيد ، باب : لحوم الحمر الأنسية رقم (5528) ، ومسلم في صحيحه ، كتاب الصيد والذبائح ، باب : تحريم أكل لحم الحمر الأنسية رقم (1365) .

([298])  أخرجه الإمام أحمد في مسنده ( الفتح الرباني 17/80) .

([299])  عون المعبود شرح سنن أبي داود 10/281 .

([300])  الأنعام : 145 .

([301])  أخرجه الترمذي في جامعه ، كتاب اللباس رقم (1726) ، وابن ماجة في سننه ، كتاب الأطمعة رقم (3367). وقال أبو عيسى : " حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من هذه الوجه ".

([302])  انظر : فتح الباري 9/656 .

([303])  انظر : فتح الباري  9/656 .

([304])  أخرجه أبو داود في سننه ، كتاب الأطعمة رقم (3809) . قال الحافظ : " إسناده ضعيف ، والمتن شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة ". انظر : نيل الأوطار 8/119 .

([305])  انظر : فتح الباري 9/656 .

([306])  انظر : شرح النووي على صحيح مسلم 13

([307])  انظر : الصحاح 4/1658 .

([308])  انظر : بدائع الصنائع 5/40 .

([309])  انظر : فتح العزيز 12/151-152 ، روضة الطالبين 2/544-545 ، 

([310])  انظر : المقنع 27/230 ، الشرح الكبير 27/230 ، الإنصاف 27/230 .

([311])  انظر : المدونة 3/64 ، مواهب الجليل 3/229-230 .

([312])  انظر : جواهر الإكليل 1/216-217 .

([313])  انظر : جواهر الإكليل 1/216-217 ، فتح العزيز 12/151 .

([314])  انظر : الشرح الكبير 27/231 .

([315])  انظر : الشرح الكبير 27/231 .

([316])  انظر : الشرح الكبير 27/232 .

([317])  انظر : بدائع الصنائع 5/40 ، المبسوط 11/255-256 .

([318])  انظر : المبسوط 11/255-256 .

([319])  انظر : فتح العزيز 12/151 ، روضة الطالبين 2/544 ، المحموع 9/31 .

([320])  انظر : المجموع 9/32 .

([321])  انظر : التهذيب 8/65-66 ، فتح العزيز 12/150-151 .

([322])  انظر : فتح العزيز 12/152 ، روضة الطالبين 2/545 .

([323])  انظر : فتح العزيز 12/152 ، المجموع 9/31 .

([324])  انظر : المقنع 27/230 ، الشرح الكبير 27/230 ، الإنصاف 27/230 .

([325])  رواه أبو داود في سننه ، باب النهي عن أكل الجلالة وألبانها من كتاب الأطعمة ص/580 (3787) واللفظ له ، والترمذي في جامعه ، كتاب الأطعمة ، باب ما جاء في أكل لحوم الجلالة وألبانها (1825) ، وابن ماجة في سننه ، كتاب الذبائح ، باب النهي عن لحوم الجلالة 3/560-561 (3189) عن ابن عمر .

قال الألباني في صحيح سنن أبي داود 2/446 (3787) : " حسن صحيح ". وانظر : الإرواء 8/150 .

([326])  انظر : فتح العزيز 12/151 ، المغني 1/70 ، الشرح الكبير 2/357 .

([327])  انظر : المحلى 7/410 .

([328])  أخرجه أبو داود في سننه ، كتاب الأطعمة ، باب النهي عن أكل الجلالة (3786) ، والترمذي في سننه ، كتاب الأطعمة ، باب ما جاء في أكل لحوم الجلالة وألبانها (1825) . قال أبو عيسى : " حسن صحيح ".

([329])  أخرجه الدارقطني في سننه 4/283 ، والبيهقي في السنن الكبرى 9/333 . وقال : ليس هذا بالقوي . انظر : الإرواء 8/152 .

([330])  انظر : الشرح الكبير 27/232 .

([331])  انظر : فتح العزيز 12/152-153 ، المجموع 9/31 .

([332])  انظر : الإنصاف 27/231-232 .

([333])  انظر : بدائع الصنائع 5/40 ، المبسوط 11/255 .

([334])  انظر : المبسوط 24/28 .

([335])  انظر : بدائع الصنائع 5/43 .

([336])  انظر : المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين 3/31 .

([337])  انظر : شرح العمدة لابن تيمية 1/130 .

([338])  انظر : التهذيب 1/185 ، فتح العزيز 1/39 ، المجموع 1/300-301 ، المغني 1/74 ، الإنصاف 1/92.

([339])  انظر : المبسوط 24/27 .

([340])  سورة النحل : 66 .

([341])  انظر : المبسوط 24/27 ، بدائع الصنائع 1/63 ، 5/43 .

([342])  انظر : بدائع الصنائع 1/63 ، 5/43 .

([343])  انظر : بدائع الصنائع 1/63 ، 5/43 ، المسائل الفقهية 3/31 ، شرح العمدة لابن تيمية 1/130 .

([344])  انظر : المبسوط 24/27 ، شرح العمدة لابن تيمية 1/130 .

([345])  انظر : شرح العمدة لابن تيمية 1/130 .

([346])  انظر : المجموع 1/300-301 .

([347])  سورة المائدة : 3 .

([348])  أخرجه أبو داود في سننه ، كتاب الأطعمة ، باب أكل الجبن ص/584 (3819) .

([349])  انظر : مجموع فتاوى لابن تيمية 21/103 .

([350])  انظر : المجموع 1/300 .

([351])  انظر : مجموع فتاوى 21/104 .

([352])  انظر : المبسوط 24/27-28 .

([353])  انظر : معجم لغة الفقهاء ص/160 .

([354])  انظر : الأغدية الشعبية ص/88-89 ، أحكام الأطعمة ص/325 .

([355])  انظر : المعجم الوسيط 2/938 ، معجم لغة الفقهاء ص/93 ، موسوعة الفقه الإسلامي 14/324 .

([356])  انظر : بدائع الصنائع 5/43 ، حاشية ابن عابدين 6/298 ، 1/206 .

([357])  انظر : تفسير القرطبي 2/220 .

([358])  انظر : نهاية المحتاج 1/176 ، المجموع 9/68 .

([359])  انظر : الشرح الكبير 1/72 .

([360])  انظر : نهاية المحتاج 1/

([361])  انظر : المبسوط 24/27 ، بدائع الصنائع 5/43 ، حاشية ابن عابدين 1/206 ، 6/298 .

([362])  انظر : الشرح الكبير 1/72 .

([363])  انظر : المبسوط 24/27 ، بدائع الصنائع 5/43 .

([364])  انظر : تفسير القرطبي 2/220 .

([365])  انظر : المجموع 9/68 ، نهاية المحتاج 1/176 .

([366])  انظر : الشرح الكبير 1/72 .

([367])  انظر : الشرح الكبير 1/72 .

([368])  انظر : المصدر السابق .

([369])  انظر : السنن الكبرى للبيهقي 10/6-7 .

([370])  انظر : المبسوط 24/28 .

([371])  انظر : أحكام الأطعمة للدكتور عبد الله الطريقي ص/328 .

([372])  الآية 3 من سورة المائدة .

([373])  انظر : أحكام الأطعمة ص/328 .

([374])  انظر : المصدر السابق .

([375])  10/7 .

([376])  انظر : السنن الكبرى 10/7 .

([377])  المجموع 9/76 . انظر أيضا : مجموع فتاوى لشيخ الإسلام 35/154-155 .

([378])  أخرجه أبو داود في سننه ، كتاب الأطعمة ، باب أكل الجبن ص/584 (3819) ، والبيهقي في الكبرى 10/6. قال النووي في المجموع 9/76 : " رواه أبو داود بإسناد ضعيف ".

([379])  أخرجه البيهقي في الكبرى 10/6. قال النووي في المجموع 9/77 : " رواه البيهقي بإسناد فيه ضعف ".

([380])  أخرجه البيهقي في الكبرى 10/6 .

([381])  أخرجه البيهقي في الكبرى 10/6 .

([382])  انظر : السنن الكبرى 10/6 .

([383])  أخرجه البيهقي في الكبرى 10/6 .

([384])  أخرجه البيهقي في الكبرى 10/6 .

([385])  قال النووي في المجموع 9/77 : " حديث ضعيف ، أبان بن أبي عياش ضعيف متروك ".

([386])  انظر : كلام البيهقي هذا في المجموع للنووي 9/77 . وانظر أيضا : السنن الكبرى 10/6-7 .

([387])  المجموع 9/76 .

([388])  انظر : أحكام الأطعمة ص/331 .

([389])  انظر : المجموع 9/389 .

([390])  انظر : المجموع 9/308 .

([391])  انظر : المجموع 9/372 .

([392])  انظر : المجموع 9/396 .

([393])  انظر : التمهيد 12/206 .

([394])  أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 4/443 (21906) .

([395])  أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 4/443 (21905) .

([396])  انظر : المصنف لابن أبي شيبة 4/444 (21912) .

([397])  أخرجه والدارقطني في سننه 3/14 ، والبيهقي في السنن الكبرى 5/40 .

قالا : " تفرد به عمر بن فروخ مرفوعا ، وليس بالقوي ، وقد أرسله عنه وكيع ، والمحفوظ وقفه عليه ".

وصحح النووي في المجموع 9/395 وقفه على ابن عباس .

([398])  انظر : بدائع الصنائع 5/148 ، فتح العزيز 4/59 ، المغني 6/301 .

([399])  انظر : الاستذكار 5/466 .

([400])  انظر : بدائع الصنائع 5/148 ، المدونة 4/296-297 ، الاستذكار 5/446 ، فتح العزيز 4/59 ، المغني 6/300-301 .

([401])  انظر : المغني 6/301 .

([402])  انظر : الاستذكار 5/466 .

([403])  انظر : المجموع 9/396-397 .

([404])  انظر : المهذب ( مع المجموع 9/395 ) .

([405])  انظر : المجموع 9/397 .

([406])  انظر : المجموع 9/397 .

([407])  انظر : البيان 5/103 ، فتح العزيز 4/59 ، المغني 6/300-301 .

([408])  انظر : فتح العزيز 4/59 .

([409])  أي كثير اللحم .

([410])  انظر : البيان 5/103-104 .

([411])  الموسوعة الفقهية 35/198 .

([412])  انظر : المصدر السابق .

([413])  الوجيز 1/135 .

([414])  انظر : فتح العزيز 4/59 .

([415])  انظر : حاشية رد المختار 5/185 ، الاستذكار 5/468 ، مختصر المزني 9/87 ، البيان 5/220 ، فتح الباري 5/91 .

([416])  أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب البيوع ، باب النهي للبائع أن لا يحفل الإبل ص/403 (2148) ، ومسلم في صحيحه ، كتاب البيوع ، باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه ... ص/615 11-(1515) من حديث أبي هريرة بلفظ : « لا تصروا الإبل والغنم ، فمن ابتاعها بعد فإنه بخير النظرين بعد أن يحتلبها : إن شاء أمسك ، وإن شاء ردها وصاع تمر » .

([417])  أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب في اللقطة ، باب : لا تحتلب ماشية أحد بغير إذنه ص/457 (2435) ، ومسلم في صحيحه ، كتاب اللقطة ، باب تحريم حلب الماشية بغير إذن مالكها ص/718 (1726) من حديث ابن عمر .

([418])  انظر : المهذب 3/85-86 .

([419])  16/184-185 .

([420])  5/468 .

([421])  انظر : المجموع 10/437 .

([422])  انظر : الاستذكار 5/467 .

([423])  انظر : الاستذكار 5/468 .

([424])  انظر : الاستذكار 5/468 .

([425])  انظر : التمهيد 16/185 ، الاستذكار 5/467 ، فتح الباري 5/91 .

([426])  المصراة : المحفّلة ، مأخوذة من التصرية . قال أهل اللغة : هي ناقة أو بقرة أو شاة ونحوها تربط أخلافها ولا تحلب أياما ، فيجمع في ضرعها لبن كثير ، فيتوهم المشترى أن هذا عادتها كل يوم ، فيشتريها ، وهذا الفعل حرام .

([427])  انظر : مختصر المزني 9/87 ، البيان 5/221 ، نهاية المحتاج 3/445 .

([428])  انظر : نهاية المحتاج 3/445 .

([429])  انظر : البيان 5/221 ، المجموع 10/437 ، نهاية المحتاج 3/445 .

([430])  انظر : البيان 5/221 ، المجموع 10/439 .

([431])  انظر : البيان 5/221 ، نهاية المحتاج 3/445 .

([432])  انظر : البيان 5/221-222 ، المجموع 10/440-442 ، حاشية أبي الضياء الشبراملسي 3/445 .

([433])  انظر : حاشية ابن عابدين 5/182 ( دار الفكر ) ، شرح فتح القدير 7/34 ، مختصر المزني 9/87 ، البيان 5/222 ، فتح العزيز 4/97 ، المجموع 10/195 ، المغني 6/87 .

([434])  أي : وكذا تختلف أجزاء تلك الأصول بحسب اختلاف الأصول لاتحادها معها إذا لم تتبدل بالصنعة ، فإن تلك الأجزاء إذا تبدلت بالصنعة زال الاتحاد مع أصلها فلا يكون اختلافها لاختلاف أصولها ، بل الصنعة كالخبر والإناء والقمقمة . انظر : التعليق على شرح فتح القدير للشيخ عبد الرزاق غالب المهدي 7/35 .

([435])  انظر : الهداية شرح بداية المبتدي 7/34 .

([436])  انظر : الاستذكار 5/437-438 ، الدسوقي 3/50 ، جواهر الإكليل 2/19 ، البيان 5/190 ، فتح العزيز 4/97 ، المغني 6/87 .

([437])  انظر : نهاية المحتاج 3/432 ، شرح الهداية على بداية المبتدي 7/34 .

([438])  المعونة على مذهب عالم المدينة 2/964 .

([439])  انظر : المغني 6/88 .

([440])  انظر : المجموع 10/449 .

([441])  انظر : المجموع 10/449 .

([442])  قال الشافعي : هو ما يجلب من ساغية ، وكان منتهى خاصية الحليب أن تقل حلاوته . وذلك حين ينتقل إلى أن يخرج من اسم الحليب . انظر : المجموع 10/445 .

([443])  ( الرائب ) راب اللبن يروب رَوْباً : إذا خثُر وأدرك ، فهو رائب . والرائب يكون لما مُخِض ولما لم يُمْخَض . ومعنى مُخِض : حُرِّك حتى خرج زبدُه . والمخيض فعيل منه . والمِرْوب : الإناء الذي يُرَوِّب فيه اللبن . وقيل : إذا خُثِر اللبن ، فهو الرائب ، فلا يزال ذلك اسمه حتى يُنْزع زُبْدُه ، واسمه على حاله . ( النظم المستعذب 1/246 ).

ونقل النووي تفسير الرائب عن الأصحاب : هو الذي حصل فيه قليل حموضة . وقيل : الرائب الذي خثر بنفسه من غير نار . انظر : البيان 5/222 ، المجموع 10/445 .

([444])  انظر : المهذب 3/87 ، البيان 5/222 ، المجموع 10/445 .

([445])  انظر : المجموع 10/448 .

([446])  انظر : البيان 5/222 ، المجموع 10/448 ، نهاية المحتاج 3/438 .

([447])  المجموع 10/448 .

([448])  انظر : المهذب 3/87 ، المجموع 10/449 .

([449])  ( المخيض ) هو اللبن الذي قد مُخِضَ ونزع منه زُبْدُه . انظر :الصحاح 3/1105 ، المجموع 10/456 .

([450])  ( اللبأ ) مقصور مهموز : فهو لبن البهيمة عند أول ما تُنْتج ، يُتْرَك على النار فيَنْعَقِد . ( النظم 2/203 ) .

([451])  ( الأقط ) بفتح الألف وكسر القاف : هو أن يُغلى اللبن الحامض المنزوع الزُّبْد على النار حتى ينعقِدَ ويُجعَل قطَعا صغارا ، ويُجفَّف في الشمس . ( النظم 1/158 ، 2/204 ) .

([452])  ( المصل ) يؤخذ ماء الجبن والأقط فيُغلَى غليا شديدا حتى يتقطَّعَ ويطلُعَ الثخينُ ناحيةً ، فيُترَك في خريطة لينزِل منه الماء الرقيق ، ثم يُعصَر ويوضَع فوق الخريطة شيء ثقيل ليستنزل ما فيه ، ثم يترك فيه قليل من الملح ، ويجعل أقراصا أو حِلَقاً . طعمه ممتزج ، ليس بالحامض ولا الحلو . ( النظم 2/203 ، تحرير التنبيه ص/308 ).

قال النووي : المصل ماء الأقط على المشهور ، عصارة الأقط حين يطبخ ويخصر . وقيل : ماء اللبن النيء ، وقيل : المخيض . ( المجموع 10/452 ).

([453])  ( الجبن ) : هو لبن يعقد بالإنفحة ، يقال : جُبْنٌ بإسكان الباء وضم الجيم والباء لغة . وبعضهم يقول : جُبُنٌ وجُبُنَّةٌ بالضم والتشديد . ( النظم 2/202 ) سيأتي التفصيل في الجبن إن شاء الله تعالى .

([454])  ( الشِّيراز ) هو أن يؤخذ اللبن الخاثر ، وهو الرائب ، فيُجعل في كيسٍ حتى ينزِلَ ماءه ويصرب أي يصير حامضا جدا . وقد يُعمَل الشيراز أيضا بأن يُترَك الرائب في وعاء ، ويوضع فوقه الأباريز ، وشيء من المُحْرِفات ثم يُؤكل ، ويُترَك فوقه كل يوم لبنٌ حليبٌ . ( النظم 2/203 ، تحرير التنبيه ص/308 ) .

([455])  ( الكَشْك ) وهو : أن يُهرَس البُرُّ أو الشعير حتى يُنقَى من القشر ، ثم يُجَشُّ ويُغلى في المخيض إلى أن يخثُر فيُشَرَّرَ أي يجفَّف . ( النظم 2/204 ) .

([456])  ( الطينح ) الذي يتخذ من اللبن : كل ما غلب عليه الدسم . ( المجموع 10/451 ، وحاشيته للمطيعي 10/449 )

([457])  ( الكوامخ ) جمع كامخ ، كهاجر : إدام ، أو المخللات المشهية .

([458])  قال المطيعي : لعله الكبج ، وهو ما يسمى عند العامة بسلطة اللبن . ( حاشية المجموع 10/449 ) .

([459])  انظر : الاستذكار 5/409 ، مختصر المزني 9/87 ، البيان 5/222 ، المجموع 10/439 ، حاشية أبي الضياء الشبراملسي 3/438 ، المغني 6/88 .

([460])  انظر : الكافي ص/314 ، الاستذكار 5/409 .

([461])  انظر : المجموع 10/450 .

([462])  انظر : المغني 6/88 .

([463])  انظر : المجموع 10/450 .

([464])  انظر : مختصر المزني 9/87 ، المغني 6/88 .

([465])  انظر : في الاستذكار لأبي عمر 5/409 ، شرح فتح القدير 7/33 ، الدر المختار 5/184 .

([466])  انظر : الهداية شرح بداية المبتدي 7/32-33 ، شرح فتح القدير 7/32-33 ، حاشية ابن عابدين 5/184.

([467])  انظر : المغني 6/88 .

([468])  انظر : الكافي ص/314 .

([469])  انظر : المجموع 10/451 .

([470])  انظر : المغني 6/88 .

([471])  انظر : المجموع 10/451 .

([472])  انظر : المجموع 10/451 .

([473])  انظر : الكافي ص/314 .

([474])  انظر : المهذب 3/87 .

([475])  انظر : تكملة المجموع للسبكي 10/451 .

([476])  انظر : تكملة المجموع للسبكي 10/452 .

([477])  انظر : تكملة المجموع للسبكي 10/452 .

([478])  انظر : الدر المختار 5/184 .

([479])  انظر : الدر المختار 5/184 ، تكملة المجموع للسبكي 10/450 .

([480])  انظر : الهداية شرح بداية المبتدي 7/32-33 ، شرح فتح القدير 7/32-33 ، حاشية ابن عابدين 5/184.

([481])  انظر : الكافي ص/314 .

([482])  انظر : المغني 6/88 .

([483])  انظر : المجموع 10/463 .

([484])  انظر : بلغة السالك 3/48 ، المغني 6/89 .

([485])  انظر : بلغة السالك 3/48 ، المغني 6/89 .

([486])  انظر : المجموع 10/455 .

([487])  انظر : المجموع 10/453 .

([488])  انظر : الروضة 3/57 ، المجموع 10/455 .

([489])  انظر : الروضة 3/58 ، المجموع 10/455 .

([490])  انظر : المجموع 10/456 .

([491])  ومال المتولي إلى المنع . انظر : المهذب 3/88 ، الروضة 3/57 ، المجموع 10/456 .

([492])  انظر : الروضة 3/57-58 .

([493])  انظر : المهذب 3/88 ، البيان 5/223-224 ، المجموع 10/458 ، نهاية المحتاج 3/438-439 .

([494])  انظر : مختصر المزني 9/87 ، المهذب 3/89 ، المجموع 10/461 ، البيان 5/224 .

([495])  انظر : المغني 6/89 .

([496])  انظر : المجموع 10/461 .

([497])  انظر : البيان 5/224 ، المغني 6/89 .

([498])  انظر : المهذب 3/89 ، البيان 5/224 ، المجموع 10/461 .

([499])  انظر : المجموع 10/462 .

([500])  انظر : المغني 6/89 .

([501])  انظر : مختصر المزني 9/87 ، المهذب 3/89 ، المجموع 10/461 ، البيان 5/224 .

([502])  انظر : المغني 6/89 .

([503])  انظر : المهذب 3/88 .

([504])  انظر : البيان 5/224 ، المغني 6/89-90 .

([505])  انظر : بلغة السالك لأقرب المسالك 3/48 ، الكافي لابن عبد البر ص/314 ، الاستذكار 5/467 .

([506])  انظر : البيان 5/224 ، نهاية المحتاج 3/439 .

([507])  انظر : المغني 6/90 .

([508])  انظر : المغني 6/90 .

([509])  انظر : المغني 6/90 .

([510])  انظر : حاشية سعدي أفندي 7/33 .

([511])  انظر : مختصر المزني 9/87 ، المجموع 10/462 ، المغني 6/90 .

([512])  انظر : تكملة المجموع للسبكي 10/462 .

([513])  انظر : المغني 6/90 .

([514])  انظر : فتح العزيز 4/419 ، الروضة 3/264-265 ، نهاية المحتاج 4/202 ، المغني 6/396 ، 400 .

([515])  انظر : البيان 5/422 ، الروضة 3/265 ، نهاية المحتاج 4/202 .

([516])  انظر : الروضة 3/265 .

([517])  انظر : حلية العلماء 2/583 .

([518])  انظر : التاج والإكليل بهامش مواهب الجليل 4/537 .

([519])  انظر : بدائع الصنائع 5/211 .

([520])  انظر : الفتاوى الهندية 3/182 .

([521])  ( آجُرّ ) : بضم الجيم وتشديد الراء مع المد أشهر من التخفيف ؛ وهو اللبن إذا طبخ الواحدة ( آجُرَّة ) وهو معرب . انظر : المصباح المنير ص/9 .

([522])  انظر : حاشية رد المختار 5/210 .

([523])  انظر : حاشية أبي الضياء الشبراملسي 4/200 ، المغني 6/387 .

([524])  انظر : الشرح الكبير 12/232 .

([525])  انظر : فتح العزيز 4/419 ، الروضة 3/265 ، نهاية المحتاج 4/200 ، 202 .

([526])  انظر : المغني 6/396 .

([527])  انظر : نهاية المحتاج 4/200 ، 2002 .

([528])  انظر : البيان 5/402 ، التهذيب 3/579 ، فتح العزيز 4/417 ، الروضة 3/263 .

([529])  انظر : نهاية المحتاج 3/211 ، 202 .

([530])  انظر : المغني 6/387 .

([531])  انظر : المغني 6/387 ، الشرح الكبير 12/227 .

([532])  انظر : الروضة 3/263 .

([533])  انظر : التهذيب 3/579 .

([534])  انظر : البيان 5/402 ، نهاية المحتاج 3/202 .

([535])  أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب السلم ، باب السلم في وزن معلوم ص/417 (2240) ، ومسلم في صحيحه ، كتاب المساقة ، باب السلم 3/1227 (1604) من حديث ابن عباس .

([536])  انظر : المغني 6/387 ، الشرح الكبير 12/227 .

([537])  انظر : البيان 5/402 .

([538])  انظر : البيان 5/402 ، المغني 6/387 .

([539])  انظر : المغني 6/396 .

([540])  انظر : الروضة 3/258 ، نهاية المحتاج 4/201 .

([541])  انظر : المغني 6/396 .

([542])  انظر : نهاية المحتاج 4/202 .

([543])  ( الخاثر ) ، يقال خثر اللبن وغيره يخثر خثورة : ثخن وجمد وغلظ واشتد ، ويقال : خثَّرته وأخثرته .

([544])  انظر : البيان 5/422-423 .

([545])  انظر : الروضة 3/258 ، نهاية المحتاج 4/201 .

([546])  انظر : التهذيب 3/579 .

([547])  انظر : البيان 5/421-422 ، الروضة 3/265 ، المغني 6/396 .

([548])  انظر : حاشية أبي الضياء الشبراملسي 4/202 .

([549])  انظر : حاشية أبي الضياء الشبراملسي 4/202 .

([550])  انظر : النقل عن الشافعي في الأم في حلية العلماء 2/582 .

([551])  انظر : التهذيب 3/577 ، الروضة 3/259 .

([552])  انظر : الإنصاف 12/232 .

([553])  انظر : المصادر السابقة .

([554])  انظر : الاستذكار 4/309-311 ، 7/511-513 ، التمهيد 16/182 ، الفواكه الداني 2/375 .

([555])  انظر : المجموع 9/59-60 ، فتح الباري 5/90 .

([556])  انظر : المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين للقاضي أبي يعلى ص/35-36 .

([557])  انظر : فتح الباري 5/91 .

([558])  أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب في اللقطة ، باب : لا تحتلب ماشية أحد بغير إذنه ص/457 (2435) ، ومسلم في صحيحه ، كتاب اللقطة ، باب تحريم حلب الماشية بغير إذن مالكها ص/718 (1726) من حديث ابن عمر .

([559])  انظر : المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين للقاضي أبي يعلى 3/36 .

([560])  انظر : التمهيد 16/182-183 .

([561])  أخرجه أبو داود في سننه ، كتاب الجهاد ، باب في ابن السبيل يأكل من التمر ويشرب من اللبن (2620) ، والنسائي في سننه ، كتاب القضاء ، باب الاستعداء (5424) ، وابن ماجة في سننه ، كتاب التجارات ، باب من مر على ماشية قوم أو حائط هل يصيب منه (2298) . صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 2/128 .

([562])  انظر : الاستذكار 7/513 .

([563])  أخرجه البيهقي في شعب الإيمان والدارقطني في المجتبى ( كما في المشكاة 2/889 رقم 2946 ) من حديث أبي حُرّة الرقاشي عن عمه. قال النووي في المجموع 9/58 : " وإسناده ضعيف ، علي بن يزيد ضعيف ". وانظر أيضا : الإرواء (1459) .

وأخرجه أيضا البيهقي في الكبرى 6/97 عن ابن عباس مرفوعا بلفظ : « لا يحل لامرئ من مال أخيه إلا ما أعطاه من طيب نفس ، ولا تظلموا ... » . قال النووي في المجموع 9/59 : " رواه البيهقي بإسناد صحيح ".

وأخرجه أيضا من حديث ابن عمر مرفوعا بلفظ : « أيها الناس إنه لا يحل لامرئ من مال أخيه شيء إلا ما طابت به نفسه » .

وأخرجه أيضا من حديث عمرو بن يثربي الضمري بلفظ : « ولا يحل لأحد من مال أخيه إلا ما طابت به نفسه ».

([564])  انظر : الشرح الكبير 27/259-260 ، الإنصاف 27/259-260 .

([565])  انظر : فتح الباري 5/89 .

([566])  أخرجه أبو داود في سننه ، كتاب الجهاد ، باب في ابن السبيل يأكل من التمر ويشرب من اللبن إذا مر به (2619) ، والترمذي في سننه ، كتاب البيوع ، باب ما جاء في احتلاب المواشي بغير إذن الأرباب (1296) ، وابن ماجة في سننه ، كتاب التجارات ، باب من مر على ماشية قوم أو حائط ، هل يصيب منه ؟ (2300) .

قال أبو عيسى : " حديث حسن غريب صحيح ". وصححه أيضا الألباني في صحيح سنن الترمذي 2/50 .

قال الحافظ في الفتح 5/90 : " إسناده صحيح إلى الحسن ، فمن صحح سماعه من سمرة صححه ، ومن لا ، أعله بالانقطاع ، لكن له شواهد من أقواها حدي أبي سعيد مرفوعا ... ".

([567])  أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 9/359 . وصحح إسناده .

([568])  أخرجه أحمد في المسند 3/21 ، والبيهقي في السنن الكبرى 9/359-360 ، وابن حبان في صحيحه

      قال الحافظ في الفتح 5/90 : " أخرجه ابن ماجة والطحاوي وصححه ابن حبان والحاكم ".

قلت : لكن أخرج له مسلم في صحيحه (1161) من طريق يزيد بن هارون عن الجريري . وقد تابع يزيد حماد بن سلمة عند أحمد 3/807 وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط وهو في مسند أبي يعلى (1244) و (1287).

([569])  انظر : فتح الباري 5/90 .

([570])  السنن الكبرى 9/359 .

([571])  أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 9/360 من طريق شريك عن عبد الله بن عاصم عن أبي سعيد الخدري مرفوعا . قال البيهقي : " وهذا يوافق الحديث الثابت عن نافع عن ابن عمر عن النبي ﷺ في النهي عن ذلك ".

([572])  انظر : السنن الكبرى 9/359 .

([573])  انظر : الإحسان 12/88 .

([574])  انظر : الاستذكار 7/512 .

([575])  انظر : المصدر السابق ، والتمهيد 16/182 .

([576])  5/90-91 .

([577])  انظر : فتح الباري 5/90-91 .

([578])  انظر : المبسوط 21/106 ، الهداية للمرغيناني 4/130 ، تبيين الحقائق 6/67 ، البحر الرائق 8/271 ، الدر المختار للحصكفي مع رد المختار لابن عابدين 6/482 .

([579])  انظر : بلغة السالك 2/112 ، شرح الخرشي 5/245 ، 249-250 ، الشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقي 3/241-242 ، 246 ، منح الجليل لعليش 3/74-75 ، 86 .

([580])  انظر : شرح المحلي على المنهاج مع حاشيتي قليبي وعميرة 2/261 ، مغني المحتاج 2/121 ، نهاية المحتاج 4/235 ، شرح منهاج الطلاب لزكاريا الأنصاري مع حاشية البجيرمي 2/358 .

([581])  انظر :  المغني لابن قدامة 4/427 .

([582])  انظر : المغني 4/427 ، كشاف القناع 3/293 ، شرح منتهى الإرادات 3/242 .

([583])  انظر : فتح الباري 5/144 ، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 3/412 .

([584])  انظر : المحلى لابن حزم 8/484 .

([585])  أخرجه الإمام مالك في الموطأ 2/728 ، وعبد الرزاق في مصنفه 8/237 (15033) مرسلا .

وأخرجه وابن ماجة في سننه ، باب لا يغلق الرهن رقم (2441) ، والحاكم في المستدرك 2/51 ، والدارقطني في سننه 3/32-33 والبيهقي في السنن الكبرى 6/39 ، وابن حبان ( الإحسان 13/258 (5934) متصلا من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا به .

صححه ابن حبان ، وقال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين ولم يحرجاه .. ".

ولكن ضعفه الألباني في ضعيف سنن ابن ماجة ص/192 ، والإرواء 5/242 و 1408 .

وقال شعيب الأرنوط : " رجاله ثقات رجال الشيخين غير إسحاق – وهو ابن عيسى بن نجيح البغدادي ، ابن الطباع – فمن رجال مسلم ، ورواه جماعة من الحفاظ بالإسال . وأما ابن عبد البر فقد صحح اتصاله ، وكذلك عبد الحق ، وهو الصحيح عند أبي داود والبزار والدارقطني وابن القطان ". ( الإحسان 13/258 ).

([586])  انظر : نيل الأوطار للشوكاني 5/265 .

([587])   هامش الإحسان 13/258 بتحقيق شعيب الأرنؤوط .

([588])  انظر : التلخيص الحبير لابن حجر 3/42-43 ، نيل الأوطار للشوكاني 5/265 ، المحلى لابن حزم 8/498-499 ، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 3/413 .

([589])  انظر : المغني لابن قدامة 4/427 .

([590])  أخرجه البخاري في كتاب الرهن ، باب الرهن مركوب ومحلوب رقم (2511 ، 2512) عن أبي هريرة به .

([591])  انظر : المغني لابن قدامة 4/428 .

([592])  متفق عليه ، وقد تقدم .

([593])  انظر : فتح الباري 5/144 .

([594])  انظر : فتح الباري  5/144 .

([595])  انظر : فتح الباري 5/144 .

([596])  انظر : شرح معاني الآثار للطحاوي 4/99 ، المبسوط للسرخسي 21/108 .

([597])  انظر : فتح الباري 5/144 .

([598])  انظر : المغني لابن قدامة 4/428 .

([599])  انظر : فتح الباري 5/144 .

([600])  أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب العلم ، باب : ليبلغ العلمَ الشاهدُ الغائب رقم (105) ، ومسلم في صحيحه ، كتاب القسامة ، باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال رقم (1679) من حديث أبي بكرة.

([601])  انظر : المحلى لابن حزم 8/484 .

([602])  انظر : الفلك المشحون بما يتعلق بانتفاع المرتهن بالمرهون لمحمد عبد الحي اللكنوي ص/6 .

([603])  انظر : الفلك المشحون بما يتعلق بانتفاع المرتهن بالمرهون لمحمد عبد الحي اللكنوي ص/6 .

([604])  انظر : الفلك المشحون بما يتعلق بانتفاع المرتهن بالمرهون لمحمد عبد الحي اللكنوي ص6.

([605])  انظر : الفلك المشحون بما يتعلق بانتفاع المرتهن بالمرهون لمحمد عبد الحي اللكنوي ص12 ، 16 .

([606])  انظر : الفلك المشحون بما يتعلق بانتفاع المرتهن بالمرهون لمحمد عبد الحي اللكنوي ص/6 .  

([607])  انظر : الدر المختار للحصكفي مع حاشية ابن عابدين 6/482 ، والفلك المشحون بما يتعلق بانتفاع المرتهن بالمرهون لمحمد عبد الحي اللكنوي ص/12 .  

([608])  انظر :  الفلك المشحون بما يتعلق بانتفاع المرتهن بالمرهون لمحمد عبد الحي اللكنوي ص/16 .

([609])  انظر : الشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقي 3/246 ، شرح الخرشي على مختصر خليل 5/249-250 ، منح الجليل لعليش 3/86 ، جواهر الإكليل 2/80 .

([610])  انظر : المهذب 1/409 ، البيان 6/48 ، 49 ، فتح العزيز 4/463-464 ، شرح المحلي مع حاشيتي قليوبي وعميرة 2/261 ، مغني المحتاج 2/121 ، نهاية المحتاج للرملي 4/235-236 ، شرح منهج الطلاب لزكريا الأنصاري مع حاشية البجيرمي 2/358 ، تكملة المجموع للمطيعي 12/229-231 .

([611])  انظر : كشاف القناع للبهوتي 3/294 ، شرح منتهى الإرادات للبهوتي 2/242-243 .

Posting Komentar

0 Komentar